قراءة قانونية تعرض الأدلة على ارتكاب إبادة جماعية في غزة

خلل جوهري في المنظومة الدولية سمح بارتكابها

AFP
AFP
محكمة العدل الدولية (ICJ) أثناء جلسة ضمن طلب جنوب أفريقيا لوقف إطلاق النار في غزة في لاهاي، بتاريخ 24 مايو 2024

قراءة قانونية تعرض الأدلة على ارتكاب إبادة جماعية في غزة

يتناول الكاتب والقانوني اللبناني الدكتور مازن شندب، في كتاب "الإبادة في غزة... قراءة قانونية في عهدة محكمة العدل الدولية"، الصادر حديثا عن "الدار العربية للعلوم ناشرون"، بيروت، الجرائم المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، موثقا بالأدلة القانونية والشهادات الميدانية، ومسلطا الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وداعيا إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين دوليا، عبر رؤية قانونية وإنسانية معمقة، لجريمة الإبادة الجماعية، وهي القراءة التي تفتقر اليها المكتبة العربية، فمعظم ما كتب عربيا في الإبادة لا يخرج عن حقيقة كونه ترجمات أو اقتباسات لأبحاث غربية.

الإبادة المستمرة وعقدة الاتهام

يقول الكاتب إن نية الإبادة، كانت واضحة منذ البداية، "فبعد الضربة الأولى التي نفذتها قوات الاحتلال على المناطق المتاخمة للسياج الأمني شرق القطاع، جاءت الضربة الثانية لتستهدف سيارة إسعاف مدنية على مدخل مستشفى ناصر". ومع استهداف حرم المستشفى، كانت الرسالة الإسرائيلية واضحة. حيث أكدتها الهجمات الوحشية التي تلت، في أيام الحرب المستمرة. فكانت "المذبحة مجهزة بأحدث تكنولوجيا الذكاء البشري والإيديولوجي والاصطناعي، والإمدادات العسكرية الأميركية الغربية".

وعن موقف الإعلام الغربي مما يحصل في غزة، يؤكد الدكتور مازن شندب، الأستاذ في الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، في حديثه الى "المجلة" أن الإعلام الغربي "فيه الموضوعي وفيه المسيس، لكن الجماهير في الغرب افترشت الشوارع مرددة عبارة واحدة: أوقفوا الإبادة في غزة"، ويضيف: "هذا يعكس ضميرا إنسانيا لا تستطيع أية آلة إعلامية تجاوزه". وتأسيسا على ذلك، كيف يجد قضاة محكمة العدل الدولية أنفسهم أمام تحدي الإجابة عن سؤال: في أي سلة جرمية سنضع الإجرام الإسرائيلي؟ بحسب الكتاب، فإن "المسألة غير مرتبطة بالقتل الجماعي والعشوائي، وإنما مرتبطة بعناصر قانونية تركت أبوابها مشرعة منذ عام 1939، عندما أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية خاصة لمنع هذه الجريمة والمعاقبة على ارتكابها".

وعن عدم بذل المشرع الدولي جهدا في تسهيل إثبات الجريمة. وبذلك يكون ساهم ولو من غير قصد في ارتكابها، يقول شندب: "نعم هذا صحيح، فالمشرع الدولي حينما أعد اتفاقية دولية لمنع الإبادة الجماعية وقمعها عام 1948، كان في رأسه ما ارتكب في حق اليهود من قبل النازيين، فجاءت الاتفاقية على مقاس الهولوكوست، وظنت الأمم المتحدة أن أية دولة سوف لن تجرؤ بعد ذلك على ارتكاب الإبادة. لكن الحسابات الأممية كانت خاطئة".

المسألة غير مرتبطة بالقتل الجماعي والعشوائي، وإنما مرتبطة بعناصر قانونية تركت أبوابها مشرعة منذ عام 1939، عندما أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية خاصة لمنع هذه الجريمة والمعاقبة على ارتكابها

إذن، كيف لمحكمة العدل الدولية أن تطيح الصدق الإنساني على طول وعرض الكرة الأرضية من قبل ملايين البشر، وتركن إلى نصوص قانونية غامضة قصدا. فهل دخل التسيس إلى أروقة محكمة العدل الدولية؟ يجيب المؤلف في حديثه بأن "التسييس موجود في نصوص المحكمة الجنائية الدولية، وهي محكومة بالتوازنات، ويمكن مجلس الأمن بقرار واحد أن ينسف كل عملها، أو أن يبطل أي إجراء تنوي اتخاذه". ويتدارك لاحقا "لكن تبقى الإدانة الأخلاقية والمعنوية علامة في جبين كيان ارتكب الإبادة. فالإبادة هي أم الجرائم الدولية، والتاريخ علمنا أن الدول تنكر ارتكاب الإبادة، لكنه علمنا أن الدول تحمل إلى الأبد عقدة الاتهام".

GettyImages
المحامي الدولي رافاييل ليمكين ساعد في صوغ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها

صفحة سوداء

يعتقد المؤلف أن الرواية الإسرائيلية للأحداث تتعارض مع منطق التاريخ والقانون الدولي، لأنه في حالة الإبادة الإسرائيلية لأهل غزة، "يأتمر الجنود الإسرائيليون الذين ارتكبوا الإبادة على الأرض مباشرة بأمر القيادة الإسرائيلية، فالسلطات الآمرة والجنود المنفذون للإبادة والمرتكبون لأفعالها المحددة في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة والمعاقبة على ارتكابها لعام 1939، يشكلون جسدا قانونيا واحدا، فكلهم إسرائيليون، وكلهم يعملون لمصلحة إسرائيل". ويؤكد الكتاب أنه "لا يوجد فعل مدرج في اتفاقية منع الإبادة والتي ستحكم محكمة العدل الدولية على أساسها إلا وارتكبه جنود الاحتلال الإسرائيلي في حربهم على قطاع غزة بطريقة أو بأخرى".

يتوجه هذا الكتاب إلى محكمة العدل الدولية، إلى المحكمة كجهاز قضائي دولي رسمي، وإلى قضاتها، قاضيا قاضيا، وما حدث في غزة ولم يزل يحدث، يختلف عن كل "صنوف الإجرام التي عرفتها البشرية، ليس لأن أعداد القتلى-الشهداء- اقترب من الـ 70 ألفا، وليس لأن ثلثهم من الأطفال"، وليس لأن المدارس والمستشفيات تقصف وتدمر عن بكرة أبيها- مع العلم أن ذلك يعد مؤشرات كبرى تفيد بوقوع الإبادة، لأن التاريخ يجب أن لا يمر من فوق مقابر غزة الجماعية دون كتابة صفحة جديدة سوداء في كتاب الصهيونية الإبادوي، وليس ذلك من باب الإدانة فحسب، ولكن من باب الردع لفكر متطرف آخر قد يأتي بعد زمن ويرتكب ما ارتكبه الصهاينة، الذين شرب أجدادهم من كأس الإبادة من نازية القرن العشرين، ويشير المؤلف إلى أن ألمانيا تكفر اليوم عن "ذنب هتلراتها ونازييها بأطفال فلسطين، الذين يقدمون بأجسادهم وأرواحهم ودمائهم أدلة قاطعة تنقذ قضاة محكمة العدل الدولية من فخ مؤامرة دولية، لم تزل شظاياها تنفجر في اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1939 ومن فخ ضمير مهني كيف لهم أن يهربوا منه".    

AFP
سيارات إسعاف متضررة بشدة خارج مستشفى ناصر في خان يونس جنوب قطاع غزة في 11 يوليو 2025

حدث المحكمة

أمام أعين رجالات القانون الدولي، وأعضاء المنظمات الدولية ذات الصلة، يصرخ طفل فلسطيني من أطفال غزة من بين الأنقاض ليقول لرجالات العدالة والقانون بأن الوقت حان لإجراء التعديلات الكبرى والجوهرية في نظريات القانون الدولي، فالزمن الذي حسم فيه هذا القانون بأن أهم مصدرين يستمد منهما قواعده وهما المعاهدات الدولية والأعراف الدولية، قد ولى إلى غير رجعة، وإن عدم إجراء التعديلات يساهم وبشكل غير مباشر، في "الدوس أكثر على حقوق الإنسان، التي يعتنقها الغرب شعارا، وهي الحقوق التي استحالت أكذوبة بل أضحوكة كبرى".    

لا يوجد فعل مدرج في اتفاقية منع الإبادة التي ستحكم محكمة العدل الدولية على أساسها إلا وارتكبه جنود الاحتلال الإسرائيلي في حربهم على قطاع غزة

فهل تنجح نظرية "إجماع الشعوب" في العالم على تحريك ضمائر أصحاب النظريات القانونية، لاتخاذ موقف حاسم من صناع الإبادة الجماعية في غزة، تطبيقا لمبدأ ميثاق الأمم المتحدة، الذي افتتح بالعبارة الرباعية "نحن شعوب الأمم المتحدة"؟ في مقابل ذلك هناك معضلة ازدواجية يواجهها العالم، وهي ازدواجية المعايير، وتلك هي التي جردت قرارات محكمة العدل الدولية من أي قيمة عملية، وتطبيق قراراتها، مرهون بقرار من مجلس الأمن، مما يعني أن القضاء الدولي تحت رحمة منطق القطبية الدولية. فهل هناك تواطؤ أو صمت دولي في قرار إدانة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية؟

AFP
فلسطينيون يصطفون للحصول على وجبات مطهية من مركز توزيع غذاء في مدينة غزة في 13 أغسطس 2025

يرى مازن شندب، في حديثه أن "هناك دولا تريد حماية إسرائيل من أية ملاحقة قانونية أو قضائية، وهناك دول تسمع لنداءات الإنسان"، ويؤكد "لكن يبقى القرار للفاعل والقوي. وحسبنا أن نتذكر أن الولايات المتحدة منعت ولم تزل تمنع صدور قرار فصل سابع من مجلس الأمن يفرض وقف الحرب. هذا أكثر من تواطؤ، هذه حماية وشراكة في الإبادة".

صورة الإبادة الجماعية

يشكل القتل الجماعي إبادة عندما يكون ممنهجا وموجها ضد جماعة محددة بقصد إفنائها، بغض النظر عن عدد الضحايا. ويميز الأكاديمي البريطاني مارتن شو بين العنف في الحرب (ضد دولة أو قوة مسلحة) والعنف في الإبادة الجماعية (ضد مجموعة اجتماعية). وهذا ينطبق بوضوح على الوضع في غزة، حيث يوجه العنف الإسرائيلي ضد كل مقومات الحياة لتحقيق موت حتمي للسكان. وكأن شو يقول هذا الكلام كمراسل ميداني في غزة أثناء الحرب الأخيرة، فالعنف الإسرائيلي موجه ضد كل نفس غزي، ضد الشجر والبشر والهواء والطعام والشراب والدواء وحليب الأطفال، ضد كل عنصر يدخل في عداد مقومات الحياة، ليكون الموت هو الواقع الحتمي.

GettyImages
أحداث 1929 بين 23 و31 أغسطس. قبور منتهكة في مقام العوكاشي، في القدس

تتطلب الإبادة الجماعية دوافع بشعة، غالبا ما تستند إلى تجريد الضحايا من إنسانيتهم ووصفهم بـ"الآخر" أو "التهديد". أو "الأدنى" أو حتى "غير البشري" من قبل الجماعات الفاعلة. وفي هذا الاتجاه، كان عالم الإبادة الجماعية إرفين ستوب Ervin Staub والمؤرخ اليهودي في الإبادات الجماعية، إسرائيل تشارني، محقين عندما قالا إن الإبادات الجماعية تبنى على أيديولوجيات تبرر استهداف جماعات معينة باعتبارها "أعداء أو تهديدات". وتتجذر هذه السياسة في تاريخ الصهيونية، منذ ما قبل عام 1939، عندما أبادت المنظمات الصهيونية قرى فلسطينية عن بكرة أبيها ليستوطن مكانها، تحت شعار أن فلسطين "أرض أجدادهم اليهود".

الولايات المتحدة منعت ولم تزل تمنع صدور قرار فصل سابع من مجلس الأمن يفرض وقف الحرب. هذا أكثر من تواطؤ، هذه حماية وشراكة في الإبادة

وصولا إلى خطاب "الحيوانات البشرية" في حرب 2023، الذي يؤكد نية الإبادة. فهل ما يحدث في غزة اليوم من جرائم، تنطبق عليه معايير الإبادة الجماعية وفق اتفاقية 1948؟ في حديثه الى "المجلة" يقول مازن شندب، "لا يمكن أن يختلف رجلا قانون حول وقوع الابادة في غزة، فبالرغم من هشاشة وعدم وضوح الاتفاقية الدولية التي تطبق على ما يجري في غزة، إلا أن هناك حتمية في توصيف القتل الجماعي في غزة على أنه إبادة".

وبالرغم من صعوبات المحاسبة في ظل النظام الدولي الحالي، يشير الكتاب إلى تطورات مهمة مثل "مذكرات التوقيف الصادرة في حق نتنياهو وغالانت من المحكمة الجنائية الدولية، وقرارات محكمة العدل الدولية التي تطلب وقف الحرب"، مما يزيد احتمال تثبيت تهم الإبادة الجماعية ضد إسرائيل وقادتها.

AFP
فلسطينيون يتفقدون الأضرار في موقع قصف إسرائيلي ليلي على مدرسة حليمة السعدية في جباليا شمال قطاع غزة في 11 يوليو 2025

فهل هناك إمكان حقيقي لمحاسبة إسرائيل أمام المحاكم الدولية؟ أم أن النظام الدولي يمنع ذلك؟

يجيب الدكتور شندب: "إن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت قبل أشهر مذكرات توقيف في حق بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وهذه أول مرة يحصل ذلك في التاريخ الإجرامي لقادة إسرائيل". ويضيف "اليوم محكمة العدل الدولية أصدرت قرارات تحمل صفة العجلة تطلب من إسرائيل وقف الحرب". ويعتقد المؤلف أنه "من الصعب جدا على القضاء الدولي عدم تثبيت التهمة في حق إسرائيل وقادتها".

صرخة طفل فلسطيني

 وفي الكتاب يدون مازن شندب مواقف متعددة لباحثين معروفين، حول الحرب على عزة، حيث يوثق فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، مشهد قتل الأطفال في غزة، ويقول: "هذه الحرب حرب على الأطفال، حرب على طفولتهم ومستقبلهم"، واستشهد لازاريني بإحصاء يفيد بأن عدد الأطفال الذين قتلوا في غزة، منذ 5 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلى من عدد الأطفال الذين قتلوا خلال أربع سنوات في جميع الصراعات حول العالم. أما اليونيسيف، وهي الوكالة الأممية الدولية المعنية بحماية الأطفال، فوثقت مقتل وإصابة أكثر من 111 طفلا يوميا جراء الحرب الإسرائيلية على غزة، قائلة: "إن الوضع في قطاع غزة يشكل وصمة عار متزايدة على ضميرنا الجماعي".

يخلص الكتاب إلى أن واقعة الإبادة، توثقها "صورة جثث الأطفال المصطفة كطوابير أمام محكمة ضمير الإنسانية، وصورة المقبرة الجماعية، أو صورة الأطفال الخدج الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة بفعل فاعل"

ولكن لماذا الإصرار الإسرائيلي على انتقاء الطفل الفلسطيني وقتله في كل مناسبة أو ظرف؟

AFP
صورة من موقع على الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة تُظهر تصاعد الدخان أثناء قصف إسرائيلي على القطاع المحاصر في 17 يوليو 2025

جوابا لذلك، أجرى الدكتور أرنون غروس من "مركز معلومات الاستخبارات والإرهاب" في إسرائيل بالاشتراك مع ديفيد بدين من "مركز أبحاث سياسات الشرق الأدنى"، دراسة حول ما يقرب من أربعمائة كتاب مدرسي فلسطيني، وأكثر من مائة معلم، للحصول على نظرة محددة في شأن تدريس الأطفال الفلسطينيين في فلسطين. وكانت النتيجة التي توصل إليها الباحثان تقول بأن ثلاثة فروع رئيسة للتلقين تعمل من خلال النصوص على:

  • نزع الشرعية عن وجود إسرائيل، بما في ذلك إنكار الأماكن اليهودية المقدسة في داخل إسرائيل.
  • شيطنة إسرائيل، التي يشار إليها بانتظام باسم "العدو الصهيوني".
  • التحريض على النضال العنيف لاستعادة كل فلسطين.

وقد وجد التقرير أن أي روابط تاريخية بين اليهود وإسرائيل تعد "أساطير".

لكن كيف نعرف أن الجيش الإسرائيلي استهدف الأطفال بشكل متعمد؟ نعرف ذلك من خلال استهدافه للمدارس التي يحتمي فيها الأطفال على اعتبار أنها أكثر الأمكنة حماية، لا سيما مدارس الأونروا، فلقد قتل عشرات الأطفال في الأسابيع الأولى من الحرب عندما استهدف الإسرائيليون "مدرسة الفاخورة التابعة للأونروا في مخيم جباليا، وأتبعوا ذلك باستهدافهم مدرسة تل الزعتر في بيت لاهيا حيث جرح وقتل العشرات من أطفال غزة". وقد اعتبرت اختصاصية الاتصال بالمنظمة الإنسانية المعنية بحماية الأطفال تيس انغرام "أن أكثر من سبعين طفلا يقتلون يوميا في غزة منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع".

لكن الكلام الخطير في موضوع استهداف الأطفال في غزة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلية هو أن لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة اعتبرت في مارس/آذار 2023، أن "الإجراءات المتعمدة مثل منع المساعدات الإنسانية وتقييدها ترمي على ما يبدو إلى قتل الأطفال الفلسطينيين وإهلاكهم". وعلى أية حال، إن استراتيجيا إسرائيل في قتل أطفال فلسطين كانت اختصرتها غولدا مائير (1898-1978)، رئيسة وزراء إسرائيل في حرب عام 1973، بعبارتها الشهيرة "لن نغفر لكم البتة أنكم جعلتمونا نقتل أولادكم".  

ويخلص الكتاب إلى أن واقعة الإبادة، توثقها "صورة جثث الأطفال المصطفة كطوابير أمام محكمة ضمير الإنسانية، وصورة المقبرة الجماعية، أو صورة الأطفال الخدج الذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة بفعل فاعل"، بل بفعل إعدام ما قبل الولادة، وهنا تصبح الدولة الإبادوية مستسلمة أمام يقينية الصورة.

font change