يتناول الكاتب والقانوني اللبناني الدكتور مازن شندب، في كتاب "الإبادة في غزة... قراءة قانونية في عهدة محكمة العدل الدولية"، الصادر حديثا عن "الدار العربية للعلوم ناشرون"، بيروت، الجرائم المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، موثقا بالأدلة القانونية والشهادات الميدانية، ومسلطا الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وداعيا إلى محاسبة المسؤولين الإسرائيليين دوليا، عبر رؤية قانونية وإنسانية معمقة، لجريمة الإبادة الجماعية، وهي القراءة التي تفتقر اليها المكتبة العربية، فمعظم ما كتب عربيا في الإبادة لا يخرج عن حقيقة كونه ترجمات أو اقتباسات لأبحاث غربية.
الإبادة المستمرة وعقدة الاتهام
يقول الكاتب إن نية الإبادة، كانت واضحة منذ البداية، "فبعد الضربة الأولى التي نفذتها قوات الاحتلال على المناطق المتاخمة للسياج الأمني شرق القطاع، جاءت الضربة الثانية لتستهدف سيارة إسعاف مدنية على مدخل مستشفى ناصر". ومع استهداف حرم المستشفى، كانت الرسالة الإسرائيلية واضحة. حيث أكدتها الهجمات الوحشية التي تلت، في أيام الحرب المستمرة. فكانت "المذبحة مجهزة بأحدث تكنولوجيا الذكاء البشري والإيديولوجي والاصطناعي، والإمدادات العسكرية الأميركية الغربية".
وعن موقف الإعلام الغربي مما يحصل في غزة، يؤكد الدكتور مازن شندب، الأستاذ في الجامعة اللبنانية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، في حديثه الى "المجلة" أن الإعلام الغربي "فيه الموضوعي وفيه المسيس، لكن الجماهير في الغرب افترشت الشوارع مرددة عبارة واحدة: أوقفوا الإبادة في غزة"، ويضيف: "هذا يعكس ضميرا إنسانيا لا تستطيع أية آلة إعلامية تجاوزه". وتأسيسا على ذلك، كيف يجد قضاة محكمة العدل الدولية أنفسهم أمام تحدي الإجابة عن سؤال: في أي سلة جرمية سنضع الإجرام الإسرائيلي؟ بحسب الكتاب، فإن "المسألة غير مرتبطة بالقتل الجماعي والعشوائي، وإنما مرتبطة بعناصر قانونية تركت أبوابها مشرعة منذ عام 1939، عندما أصدرت الأمم المتحدة اتفاقية خاصة لمنع هذه الجريمة والمعاقبة على ارتكابها".
وعن عدم بذل المشرع الدولي جهدا في تسهيل إثبات الجريمة. وبذلك يكون ساهم ولو من غير قصد في ارتكابها، يقول شندب: "نعم هذا صحيح، فالمشرع الدولي حينما أعد اتفاقية دولية لمنع الإبادة الجماعية وقمعها عام 1948، كان في رأسه ما ارتكب في حق اليهود من قبل النازيين، فجاءت الاتفاقية على مقاس الهولوكوست، وظنت الأمم المتحدة أن أية دولة سوف لن تجرؤ بعد ذلك على ارتكاب الإبادة. لكن الحسابات الأممية كانت خاطئة".