عندما اعتقلت شرطة لندن أكثر من 460 شخصا خلال تجمع مؤيد لفلسطين في ساحة البرلمان مؤخرا، كان من بينهم رجل في السابعة والخمسين، سبق له أن أمضى فترة من السجن في معتقل غوانتانامو الشهير: معظّم بيغ. وقبل لحظات من توقيفه، قال في كلمة أمام الحشد: "ليست القضية قضية حركة (فلسطين أكشن)، بل قضية أطفال غزة ورجالها ونسائها، قضية دولة ترتكب جريمة إبادة جماعية".
لم يكن اعتقال بيغ حدثا عابرا، بل تتويج لأيام من التخطيط الدقيق. أراد المنظمون من خلاله إرسال رسالة واضحة مفادها أن المتظاهرين قادرون على تحدي الشرطة ورفض قرار الحكومة بتصنيف حركة "فلسطين أكشن" منظمة إرهابية. وأكدت شرطة العاصمة أن العملية كانت أكبر حملة اعتقالات مرتبطة بحدث واحد خلال عقد على الأقل، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من المشاركين رفعوا لافتات تؤيد الحركة. وقد نُقل جميع الموقوفين إلى مراكز تسجيل في وستمنستر، بينما أفرج عمن ثبتت هوياتهم بشرط أن لا يشاركوا في فعاليات مماثلة مستقبلا.
في البداية بدا أن مظاهرة حركة "فلسطين أكشن" جاءت عفوية، إذ توافد المئات عند الساعة الواحدة ظهرا أمام البرلمان، كل منهم يحمل لافتة يدوية تعلن دعمه للجماعة المحظورة. غير أن ما كشفته صحيفة "التلغراف" مؤخرا أظهر نقيض ذلك. فقد سبق المظاهرة اجتماع عقد في برمنغهام، شاركت فيها مجموعات من بينها منظمة "كيج إنترناشيونال" (Cage International)، التي يشغل بيغ نفسه فيها منصب مدير التواصل، ومجموعة "دافع عن هيئات المحلفين"، لتنظيم المظاهرة. ودعا بيغ الجالية المسلمة إلى المشاركة في هذا التحرك الاحتجاجي، قائلا: "نحن من الجالية المسلمة، لنا حضور ضخم في هذه المدينة، ويجب أن نشرك قادتنا وأئمتنا وأحباءنا، ومن هم في مراكز القوة، للانضمام. فالقوة في العدد. توقفوا عن الجبن، فالجبناء لا ينتصرون في المعارك".
ولد معظم بيغ في 5 يوليو/تموز 1968 في سباركهيل بمدينة برمنغهام، وهو بريطاني من أصل باكستاني. احتجزته الحكومة الأميركية خارج إطار القضاء في منشأة باغرام العسكرية في أفغانستان ومعسكر اعتقال خليج غوانتانامو في كوبا لما يقرب من ثلاث سنوات. فقد اعتقلته المخابرات الباكستانية في منزله بباكستان في فبراير/شباط 2002، ثم سلمته إلى ضباط الجيش الأميركي، الذين احتجزوه أولا في مركز باغرام، قبل نقله إلى غوانتانامو حيث بقي حتى يناير/كانون الثاني 2005.