آفاق خطة ترمب في غزة

من يريد أن يشارك في حكم القطاع عليه أن يوجد فيه

إدوارد رامون
إدوارد رامون

آفاق خطة ترمب في غزة

السؤال الكبير الذي يدور في أذهان الكثير منا هو ما إذا كانت مبادرة أو خطة الرئيس دونالد ترمب بشأن غزة سوف يتم تنفيذها بجميع مراحلها، وبالتالي ما إذا كنا نشهد نهاية حرب الإبادة الإسرائيلية ضد أهلنا في قطاع غزة.

في الحقيقة، لا أحد يعرف الجواب بشكل مؤكد، والاحتمالات هنا تبقى قائمة. هناك الكثير من المشاكل المحيطة بالخطة، دون الدخول في مشاكل الخطة نفسها، منها غياب الثقة تماما بين الأطراف، ويتعزز ذلك يوميا بسبب ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية ورئيسها، ومنها غياب الموقف الواضح وبالتالي غياب الموقف الموحد فلسطينياً وعربياً، ومنها ما يبدو أنه رغبة "حماس" في التعاون مع الوسيط الأميركي فقط، أملا في أن يقود ذلك إلى صفقة ما بين الجانبين.

وبالرغم من كل ذلك، تبقى الآمال قائمة في أن يتم ذلك. "حماس" ردت بذكاء على الخطة ورحّلت جزءا منها إلى مشاورات وطنية (دون تحديد أطرافها) وتجاهلت بعض المبادئ الهامة في الخطة ووافقت بشكل واضح على تسليم الرهائن الأحياء والأموات خلال فترة وجيزة بعد التوصل لاتفاق. بشكل عام احتوت الخطة على مبادئ إيجابية هامة مثل إنهاء الحرب بعد إطلاق سراح الرهائن وتبادل الأسرى ووصول الدعم الإنساني بوفرة، ومثل إنهاء دور "حماس" في حكم قطاع غزة ونزع سلاح الحركة، ومثل تشكيل حكم القطاع لاحقا، ومثل الحل السياسي لاحقا المتمثل بدولة فلسطين.

بالطبع الخطة تضمنت مبادئ هامة ولكنها لم تحتوِ على تفاصيل وهو ما يتطلب مزيدا من المفاوضات بين الأطراف، وهنا مكمن الغموض الذي سمح للطرف القوي وهو حكومة بنيامين نتنياهو بالضغط وربما حتى بمحاولة تخريب الأمور. في المقابل ما زالت "حماس" تريد وضوحا أكثر بشأن الانسحابات الإسرائيلية قبل تسليم الرهائن وهي تحاول كذلك التهرب من موضوع ضبط السلاح بشكل عام.

الآن، لنحاول الإجابة على السؤال المركزي. الواضح أن الجهة المقررة هنا هي رئيس الولايات المتحدة وبالتالي ربما نستطيع القول إنه إذا بقي متحمسا في هذا الاتجاه وإذا بقي مصرا على تنفيذ الخطة فسيحدث ذلك على الأغلب، وإذا فقد اهتمامه ربما يحدث العكس وهو ما سيعيدنا إلى المربع الأول.

من المهم تسجيل موقف واضح حول وضع الشعب الفلسطيني تحت الوصاية، أو وضعه مجددا تحت "الانتداب البريطاني"، من خلال فكرة حكم قطاع غزة من قبل مجلس مدراء برئاسة توني بلير

من المهم أيضا أن تحاول الأطراف الفلسطينية والعربية الإجابة الواضحة عن مستقبل "حماس". رأي كاتب هذه السطور أن على "حماس" أن تفهم أن هناك الآن مرحلة جديدة وأنه لا بد من إنهاء سيطرة "حماس" على قطاع غزة بكل أشكالها السياسية والإدارية والأمنية، وأنه لا بد أيضا من سيطرة الجهة الرسمية حصرا على السلاح. في المقابل ربما كان ممكنا أن تجري تحولات هيكلية في "حماس" باتجاه تشكيل حزب سياسي يمكن له أن يشارك في الحياة السياسية الفلسطينية بما في ذلك في الانتخابات المقبلة وفقا للقانون الفلسطيني. التقدير هنا أن هذا الاتفاق هو الذي سيفتح الباب أمام دخول الوجود العربي الأمني المؤقت، وربما ما هو أكثر من ذلك.

ربما كان من المهم أيضا تسجيل موقف واضح حول وضع الشعب الفلسطيني تحت الوصاية أو وضعه مجددا تحت "الانتداب البريطاني" من خلال فكرة حكم قطاع غزة من قبل مجلس مدراء برئاسة توني بلير.

من الصعب تصور فكرة استيراد شخص أجنبي لحكم قطاع غزة بعد كل هذه التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني. ويبدو لي أن القاعدة المبدئية يجب أن تكون أولا أن من يريد أن يشارك بأي شكل في حكم القطاع عليه أن يوجد في القطاع. بشكل عام يبدو أن الشكل المناسب هنا هو تشكيل جسم فلسطيني مرتبط عضويا بالسلطة وكذلك تشكيل جسم عربي-دولي لمراقبة عمل الجسم الأول. أعتقد أن هذا سيفي بالمطلوب وسيوفر إمكانية المضي قدما.

بشكل عام إذن، ما زالت الأمور غير واضحة، وإن كنت أعتقد شخصيا أنها ستتطور بشكل إيجابي ولو جزئيا. لننتظر حتى نرى.

أ.ف.ب
أطفال ينظرون من ثقب خلف خيمة في مخيم للنازحين شمال النصيرات، وسط قطاع غزة، في 7 أكتوبر 2025

أريد أيضا أن أتعامل مع موضوع آخر قد يبدو شخصيا ولكنه ليس كذلك إذا تم النظر إليه من زاوية تأثيره العام، وهو موضوع عودتي لعضوية اللجنة المركزية لحركة "فتح". ما حدث هنا أن بعض الأصدقاء الحريصين على الحركة وربما الحريصين على أشخاصنا بذلوا جهدا لتقريب وجهات النظر. وفي الحقيقة توفرت مواقف إيجابية نتج عنها تذليل العقبات أمام الخطوات التالية وتحديدا قرار اللجنة المركزية.

الآن يجب أن يستكمل هذا الأمر من خلال تعاون جديد لبت كل الأمور. الحقيقة الثابتة أننا جميعا أبناء الشعب الفلسطيني وأصحاب القضية الفلسطينية في ظرف صعب للغاية. علينا مواجهة هذا الظرف وتقديم الحلول اللازمة لبناء وضع جديد.

font change

مقالات ذات صلة