سيبقى يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2025 محفورا في ذاكرة الدبلوماسية الحديثة بوصفه نقطة تحول فارقة في مسار الشرق الأوسط. ففي شرم الشيخ، لم يكتفِ قادة العالم بالاحتفاء بإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار وبداية مفاوضات السلام، بل التأموا حول رؤية طموحة قدمها الرئيس دونالد ترمب، تتألف من عشرين بندا، لتكون خريطة طريق نحو التجديد وإعادة الإعمار والازدهار المشترك.
بقيادته، بدأت أعوام الخوف والجمود تتلاشى، لتحل محلها غاية نبيلة ونفحة متجددة من الأمل. إذ انخرطت الدول العربية والإسلامية والغربية في مسعى موحد لإحلال التقدم مكان الشلل، والانفتاح مكان العزلة.
وللمرة الأولى منذ قرن، تشكّل إجماع إقليمي حقيقي، ينبع من وعي مشترك بأن الشرق الأوسط، الذي أنهكته الانقسامات القبلية والدينية وأثقل كاهله الإرث الاستعماري، بات قادرا اليوم على نسج نسيج جديد من التعاون. ما بدأ كهدنة في غزة تطور سريعا إلى ما هو أعمق وأشمل: اللبنات الأولى لفسيفساء متجددة من الشراكة والتكامل.
وتحت رعاية الرئيس ترمب، لم يعد الاستقرار يُفرض عبر الهيمنة والخوف، بل يُعاد تصوره من خلال فرص التعاون المشترك. ولم يعد السلام مجرد هدنة مؤقتة، بل تحول إلى منصة واعدة لتحقيق الازدهار. وعلى الرغم من أن غزة، التي أنهكتها دوامة العنف، ستظل عرضة للانتكاسات وخروقات الثقة، فإن ما تحقق خلال الأسبوع الماضي يمثل تقدما غير مسبوق. ولأول مرة منذ عقود، أجمعت الدول القومية في المنطقة على إدانة الممارسات الإرهابية داخل حدودها، في خطوة تعكس تغيرا نوعيا في المزاج السياسي والأمني الإقليمي.
سوريا: القطعة المفقودة من السلام
ما تزال القطعتان الأساسيتان التاليتان في هذا البناء الدبلوماسي غير مكتملتين. أولاهما سوريا، المنهكة والممزقة بعد سنوات من الحرب، والتي باتت تمثل في آن واحد رمزا لا يُمكن تجاهله، واختبارا صريحا لمدى قدرة النظام الإقليمي الجديد على الصمود. فلا يمكن لأي فسيفساء سلام أن تكتمل بينما إحدى أعرق حضارات العالم لا تزال مدمرة. إن رياح المصالحة التي هبت من غزة، يجب أن تعبر الآن الحدود الشمالية لإسرائيل، لتبعث الحياة في مسيرة خلاص سوريا.