أثار تعيين الرئيس الأميركي دونالد ترمب مارك سافايا مبعوثا خاصا للعراق اهتماما عراقيا كثيفا لجهة معنى هذا التعيين ودلالاته بخصوص التوجهات الأميركية نحو العراق. فمنذ تولي ترمب رئاسته الثانية، لم تُبدِ إدارته اهتماما بالعراق، بل اكتفت بالتعاطي معه على أنه ساحة خلفية لإيران وينبغي له أن يخرج من دائرة نفوذ الأخيرة. كانت علامات ضعف الاهتمام بالبلد وربطه بإيران كثيرة وأولها المذكرة الرئاسية التي أصدرتها الإدارة بعد أسبوعين من توليها زمام الأمور في البيت الأبيض، في الرابع من فبراير/شباط، بإعادة فرض العقوبات القصوى على إيران. في تلك المذكرة يرد ذكر النظام المالي العراقي كأحد الثغرات التي تستغلها الجمهورية الإسلامية للتنصل من العقوبات الأميركية وضرورة سد هذه الثغرة، وهذا ما ظهر عبر قرارات لوزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين بإيقاع عقوبات مالية على شخصيات ومؤسسات عراقية متهمة بمساعدة إيران على التهرب من العقوبات الأميركية وتصنيف بعضها بوصفها تهديدا إرهابيا.
على المستوى السياسي، لم يحصل أي تواصل ذي قيمة حقيقية بين إدارة ترمب والحكومة العراقية رغم سعي الأخيرة الحثيث لفتح قنوات اتصال مباشرة مع الإدارة الجديدة، إذ اكتفت هذه الأخيرة باتصالات هاتفية قليلة ومتباعدة بين وزير الخارجية ماركو روبيو ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، طابعها- بحسب ما يُستشف من البيانات الأميركية- يميل إلى الإملاء والتهديد المُبَطن، أكثر من تبادل الآراء بين طرفين صديقين. كان آخر هذه الاتصالات قبل أسبوع تقريبا وأكد فيه روبيو، بحسب البيان الأميركي، على "الضرورة الملحة" لنزع سلاح الميليشيات المرتبطة بإيران، في ما يبدو تصعيدا في المطالبات الأميركية بخصوص هذا الأمر الذي عجزت عن حله حكومات عراقية متعاقبة. فضلا عن ذلك، كانت هناك بعض الزيارات ذات الطابع التقني لمسؤولين عراقيين إلى الولايات المتحدة (فيما أظهرت الإدارة الاهتمام بحكومة إقليم كردستان واستضافت رئيس وزرائها، مسرور بارزاني، الذي زار العاصمة الأميركية في شهر مايو/أيار الفائت). العلامة الأهم على غياب الاهتمام الأميركي بالعراق في ظل هذه الإدارة هو عدم ترشيح الإدارة سفيرا لها في العراق بعد انقضاء مهمة السفيرة السابقة، آلينا رومانوسكي، بنهاية العام الماضي، والاكتفاء بالقائم بالأعمال الحالي، جوشوا هارس.
 
				             
                    

 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
                 
             
                 
             
                 
             
                 
             
                 
            