إلى جانب الشق المتعلق بالعلاقات الأميركية-السعودية والأميركية-الخليجية بكل مجالاتها وأرقامها الضخمة، اكتسبت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المنطقة وبالأخص إلى السعودية معنى إقليميا مكثفا يجعل منها محطة مفصلية في سياق التطورات والمتغيرات المتواصلة التي يشهدها الإقليم.
وذلك ليس عائدا وحسب للكلام السياسي الذي أطلقه ترمب، سواء بالنسبة لغزة أو إيران أو سوريا ولبنان، ولا أيضا للقائه بالرئيس السوري أحمد الشرع غداة إعلانه رفع العقوبات عن سوريا "بعد محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان"، بل لأن هذه الزيارة تأتي في توقيتها في لحظة حاسمة بالنسبة للحدث الأساسي في المنطقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، أي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ونتائجها في الأراضي الفلسطينية وكذلك في كل من سوريا ولبنان.
والحال قد نكون أقرب من أي وقت لإنهاء هذه الحرب، مع ما لذلك من انعكاسات على المنطقة بأسرها وبالأخص في سوريا ولبنان، البلدين العربيين اللذين كانا الأكثر تأثرا بهذه الحرب؛ لبنان الذي انتقلت الحرب إليه بعد أكثر من سنة على إطلاق "حزب الله" "حرب الإسناد" فإذا بها تتحول إلى مواجهة مفتوجة بينه وبين إسرائيل قضت على قيادته العليا وأضعفت قدراته إلى حد غير متوقع، بينما تواصل إسرائيل استهداف الأراضي اللبنانية واحتلال خمس نقاط حدودية حتى بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وسوريا التي كان إضعاف إسرائيل لـ"محور المقاومة" قد مهّد الطريق أمام سقوط النظام أو إسقاطه. ومنذ ذلك الحين لم تنفك إسرائيل عن التوغل داخل الأراضي السورية والتمركز فيها، فضلا عن مواصلة قصفها مواقع في سوريا وصولا حتى إلى جوار القصر الجمهوري في دمشق. وقد تطورت سرديتها في الآونة الأخيرة لتقدم نفسها على أنها حامية للأقليات في سوريا وبالأخص الدروز في الجنوب السوري، بعد أن كانت أرسلت رسائل مشابهة بشأن الأكراد في الشمال السوري.
لكن أن نكون قد اقتربنا من انتهاء هذه الحرب بفعل تقاطع عوامل عدة، لا يعني حكما أن هذه الحرب ستنتهي، وإلى الأبد، كما يطمح الرئيس ترمب وفق تصوراته، وكما لو كان من الممكن التوقع أن تقوم إسرائيل بمراجعة سياسية وأخلاقية وتعيد النظر بسياساتها الإبادية في الأراضي الفلسطينية والتي لا يزال الائتلاف اليميني المتطرف يدعو إليها كل يوم.