لم تستضف بغداد قمة عربية واحدة إلا وكانت المنطقة في لحظة اشتعال، فقد اجتمع قادة العرب فيها لمواجهة اتفاقية كامب ديفيد عام 1978، ثم لرفض قرار الكونغرس الأميركي بجعل القدس عاصمة لإسرائيل عام 1990، وعادوا بعد انسحاب الاحتلال الأميركي ليناقشوا ما خلفه الربيع العربي عام 2012، والسبت الماضي، في 17 مايو/أيار، استضاف العراق قمة 2025 وسط بيئة جيوسياسية تعصف بها الحروب بالوكالة وانعدام اليقين الاقتصادي.
قمة 1978
ظهر العراق، لاعبا قويا في السياسة العربية، خلال عام 1978، إذ دعا الرئيس أحمد حسن البكر، إلى قمة طارئة لمواجهة اتفاقية كامب ديفيد التي وقعتها مصر مع إسرائيل، نتيجة شعور العرب بتفكيك جبهتهم وتحييدهم عسكريا. وحضر القمة رؤساء عدد من الدول العربية، وخرجت بقرارات منها أن فلسطين قضية عربية مصيرية وجوهر الصراع مع إسرائيل، بما يحمل جميع العرب مسؤولية النضال كلا من موقعه وبما يملك من قدرات عسكرية وسياسية واقتصادية.
ودعمت القمة "منظمة التحرير" باعتبارها ممثلا شرعيا وحيدا عن الشعب الفلسطيني، وعدم جواز انفراد أي طرف عربي بأي حل، مشترطة أن يصدر أي اتفاق سلام عن قمة عربية مخصصة لهذا الغرض. وبناء عليه، رفضت القمة اتفاقية كامب ديفيد، معلنة الامتناع عن التعامل مع ما يترتب عليها من آثار سياسية أو اقتصادية أو قانونية، وداعية مصر إلى التراجع عنهما والعودة إلى صف العمل العربي المشترك.