دخلت الحرب الاسرائيلية الإيرانية يومها السادس، في ما يبدو انها حرب استنزاف طويلة الأمد، لكن البلدين لا يستطيعان تحمل حرب طويلة. تراهن إسرائيل على نجاعة الضربات الخاطفة القاصمة، أو على تدخل أميركي ولو محدود لإنهاء طموح إيران في تطوير برنامجها النووي، وهذا مرتبط بقدرة رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على إقناع الإدارة الأميركية بالانخراط في الحسم النهائي. ويبدو الأمر صعبا في هذه المرحلة من الحرب. أما طهران فتراهن على صواريخ منتصف الليل، المحلية الصنع، لإلحاق اكبر خسائر بشرية وتدميرية في المدن الإسرائيلية، والتأثير نفسيا في معنويات الجيش والشعب، وهذا خيار أيضا غير ناجع في الوقت الراهن، لأن الإسرائيليين جميعا يعتقدون أن مشاريع إيران النووية تشكل تهديدا وجوديا لهم على المدى المتوسط، لا مناص من التضحية لأجل تدميرها.
في كل الحالات يتحمل اقتصاد البلدين خسائر تصل الى 60 مليار دولار في الشهر، وفق تقديرات صحيفة "لي زيكو" الفرنسية الاقتصادية. إسرائيل تتفوق اقتصاديا بناتج إجمالي بنحو 583 مليار دولار، لعشرة ملايين نسمة، وناتج إيران 418 مليار دولار وفق "ترادينغ إيكونوميكس"، ولديها كثافة سكانية بـ87 مليون نسمة، ومساحة تصل إلى أضعاف عدة لجغرافيا إسرائيل المحدودة. فما هو العامل الحاسم في ترجيح كفة النصر؟
يشبه الإعلام الأوروبي الحرب الحالية في الشرق الأوسط بمبارزة كسر العظام في معارك الرومان، والبعض شبهها بـ"ليالي الجحيم" بين ألمانيا وبريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية (غارات طائرات منتصف الليل)، وقولة تشرشل الشهيرة "إن الحرب تتوقف عندما تكبر". والبعض قارنها بحرب الاستنزاف العسكري بين العراق وإيران عبر صواريخ ""سكود خلال ثمانينات القرن الماضي التي عادت بالبلدين عقودا إلى الوراء، بعد ثماني سنوات من القصف المتبادل. ومع كل المقارنات، يقول المراقبون إنها حرب استنزاف وتكسير عظام حقيقية، البقاء فيها إلى نهاية المعركة، يتوقف على القدرات العسكرية والسند الاقتصادي والتأييد الشعبي، والدعم الدولي.
حربٌ الكل فيها خاسر
توقع صندوق النقد الدولي أن تكلف الحرب بين إسرائيل وإيران نحو 2,5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خسائر في الدولتين، وهو خفض النمو الاقتصادي في إيران إلى ناقص 0.5 في المئة من الناتج في نهاية السنة (بحسب أرقام منتصف يونيو/حزيران 2025)، بعد أن كان وضع توقعات بنمو يصل إلى 0,3 في المئة خلال الربيع الماضي.