سفير لبنان في السعودية لـ"المجلة": العلاقات الاقتصادية رهن السيادة والإصلاح

سيادة الدولة ومحاربة الفساد وضبط الحدود البرية والبحرية ومعالجة الفلتان الامني

.أ.ف.ب
.أ.ف.ب
سفير لبنان لدى المملكة العربية السعودية الدكتور فوزي كبارة، في اجتماع لدول منظمة التعاون الإسلامي في جدة، 7 مارس 2025

سفير لبنان في السعودية لـ"المجلة": العلاقات الاقتصادية رهن السيادة والإصلاح

شدد السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية الدكتور فوزي كبارة، في مقابلة مع "المجلة" أن المملكة "كانت ولا تزال الداعم الأكبر لأمن لبنان واستقراره"، وإذ رأى "أننا الآن أمام انطلاقة جديدة في العلاقات اللبنانية-السعودية" و"أن القيادة السعودية تثق بالقيادة اللبنانية الحالية"، قال إن السعودية "ترى أن على الدولة اللبنانية الآن، أن تحدد خياراتها. فإما أن تقف في الصف العربي، وتحظى بدعم الدول العربية والخليجية في السياسة والاقتصاد، وإما أن تكون في المقلب الآخر". ولفت الى أن المطلوب من الدولة اللبنانية إعادة بناء الثقة الكاملة مع المملكة من خلال "محاربة الفساد، وضبط المرافق البرية والبحرية والجوية، ومعالجة الفلتان الأمني على الأراضي اللبنانية كافة".

بالعودة الى مسار العلاقات السعودية-اللبنانية منذ بداية العهد الجديد، وتولي رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون الحكم، ظهرت بوادر انفتاح سعودي على العهد الجديد، وملامح حركة سياسية بين البلدين. ويأمل كل من الطرفين اللبناني والسعودي أن تستعيد العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية سابق عهدها. بعد الحرب الإسرائيلية على "حزب الله" وتداعياتها، بدأ الخناق الذي فرضه الحزب على الدولة يتراجع تدريجيا، الأمر الذي يحرر السلطة اللبنانية تدريجيا أيضا، بشكل يعيد لبنان إلى الحضن العربي، وفي مقدمة ذلك العودة إلى علاقات سوية مع المملكة العربية السعودية.

ما يبدو حتى الآن، وبعد عقود من تأثير "حزب الله" على مفاصل الدولة اللبنانية سياسيا واقتصاديا وأمنيا، أن العودة الاقتصادية السعودية المنتظرة دونها شروط واضحة، ولا سيما بعد التجارب المريرة السابقة.

خرق الحظر ورسائل رمزية

في 23 يناير/كانون الثاني 2025 زار وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بيروت للمرة الأولى، وهو أرفع ديبلوماسي سعودي يزور لبنان منذ خمسة عشر عاما بحسب وكالة "رويترز". واعتبرت الزيارة من أهم الزيارات على المستوى العربي لشخصية سعودية كبيرة في رمزية ورسالة واضحتين. ورسمت الزيارة خريطة طريق أمام انطلاق العلاقات على كل المستويات. ثم توالت زيارات الموفدين السعوديين لمتابعة الوضع اللبناني، وكانت آخر زيارة سعودية للموفد السعودي الأمير يزيد بن محمد بن فهد الفرحان، مستشار وزير الخارجية، الذي زار بيروت في بداية يوليو/تموز الماضي، قبل الزيارة الثالثة للموفد الرئاسي الأميركي توماس باراك لبيروت مباشرة.

الميزان التجاري بين لبنان والمملكة، هو في حالة عجز لصالح السعودية منذ العام 1993 حتى العام 2024. لكنه حقق فائضا في 1994 و2020

وهدفت الزيارة، إبلاغ رسائل لبيروت في ظل المساعي الإقليمية والدولية لحل الأزمة السياسية اللبنانية، فضلا عن لعب دور مهم في تعزيز العلاقات الثنائية. فالعين السعودية تبقى ساهرة على مواكبة الوضع اللبناني لإخراجه من مصاعبه، وانهياراته المالية والسياسية، وتجاوز التحديات الكبيرة والخطرة التي تواجهه. وبالنسبة إلى المملكة، لا يمكن فصل الواقع السياسي عن المسار الاقتصادي، ولذلك لم تنطلق بعد العلاقات الاقتصادية كما كان مأمولا، فبعد سبعة أشهر على بداية العهد الجديد لا يزال التراجع الكبير في التبادل التجاري يهيمن على المشهد بين البلدين.

التبادل التجاري في مهب السياسة

يظهر التأثير السياسي على حركة التبادل من الإحصاءات التي عكسها تقرير أعدته أخيرا غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، ارتكزت فيه على إحصاءات الجمارك اللبنانية. وأشار التقرير الذي حصلت عليه "المجلة"، في نبذة تاريخية، الى أن السعودية حلت في المرتبة الأولى، على لائحة أهم أسواق الصادرات اللبنانية عامي 2014 و2015. واستأثرت بنحو 11 و12 في المئة من الصادرات الإجمالية. لكنها تراجعت إلى المرتبة السابعة عام 2021، وإلى نسبة 4 في المئة من قيمة الصادرات اللبنانية الإجمالية. وعادت لتتراجع إلى المرتبة 124 في العام 2022، ونسبة قاربت الصفر من إجمالي قيمة الصادرات. ثم سجلت المرتبة 93 عام 2023 ، وحلت في المرتبة 153 في العام 2024.

واس
ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، يستقبل رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام، في مكة 30 مارس 2025

ولم تتراجع فقط الصادرات السعودية إلى لبنان، إنما تأثرت بشكل واضح حركة السياح السعوديين، وهي انعدمت منذ العام 2017 حتى الآن. ولم تتخذ السعودية قرارا بعد في شأن عودة مواطنيها للسياحة في لبنان. كما انعدمت أيضا حركة الاستثمارات منذ عام 2017، حيث توقفت تماما، وذلك استنادا إلى معطيات غرفة التجارة. كذلك تأثرت حركة الترانزيت البري والبحري من لبنان عبر المملكة إلى الدول الأخرى المحيطة بها. ولم يعد مسموحا أن تشكل الأراضي السعودية أو الموانئ، أو المياه الاقليمية السعودية، مناطق عبور للبضائع اللبنانية. والسبب الأساس وراء ذلك يعود إلى ملف الكبتاغون المعروف، حيث صارت ترسل الممنوعات داخل المنتجات الزراعية من لبنان إلى المملكة.

 لكن على صعيد الواردات اللبنانية من السعودية كان الوضع مغايرا. فقد حلت السعودية في المرتبة 14 على لائحة أهم مصادر الاستيراد اللبناني عام 2023. وسجلت المرتبة 7 عام 2024، مستأثرة بنسبة 5 في المئة من إجمالي الواردات.

أما الميزان التجاري بين لبنان والمملكة، فهو في حالة عجز لصالح السعودية منذ العام 1993 حتى العام 2024. لكنه حقق فائضا في 1994 بقيمة 3,5 ملايين دولار، و1996 بقيمة 26,3 مليون دولار، وفي العام 2020 بقيمة 35,1 مليون دولار.

القيادة السعودية تثق بالقيادة اللبنانية الحالية وبقدرتها على إدارة الأزمة، والنهوض بالبلاد مجددا إلى شاطئ الأمان

الدكتور فوزي كبارة، السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية

وتراوحت قيمة العجز في الميزان التجاري ما بين 8,9 مليون دولار كحد أدنى في العام 1993، و885,8 مليون دولار كحد أقصى في العام 2024.

بوادر إيجابية لعودة الطيران السعودي

ثمة بوادر إيجابية لاحت هذا الشهر، وتمثلت في الزيارة التي قام بها وفد لوجستي سعودي في 20 أغسطس/آب الجاري، إلى مطار رفيق الحريري الدولي. وهدفت لاستطلاع أوضاع المطار من النواحي الأمنية، والسلامة العامة، والتجهيزات التقنية، وأجهزة إحباط التهريب والمهربين للممنوعات في أنواعها كافة. كذلك استطلاع كل الإجراءات التي يعتمدها لبنان في هذا الإطار. وأكدت مصادر ديبلوماسية رفيعة المستوى لـ"المجلة"، أن "هذه الزيارة لا تهدف فقط إلى درس عودة الطيران السعودي الذي توقفت رحلاته إلى لبنان في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023 بسبب 'حرب الإسناد' لغزة التي قام بها "حزب الله"، بل لدرس عودة السعوديين إلى لبنان".

غيتي
طائرة تابعة للخطوط الجوية السعودية تحلق من مطار برشلونة، 2 أغسطس 2025

ولفتت المصادر الى "أن شركة الخطوط الجوية اللبنانية الـ"ميدل إيست" كثفت رحلاتها إلى المملكة سعيا لتعويض النقص في الرحلات، لا سيما أن هناك أهدافا متنوعة للبنانيين لزيارة المملكة، وهي للعمل والحج والعمرة والزيارات العائلية.

وإذا عاود الطيران السعودي رحلاته، فستكون من مطارَي جدَّة والرياض كما كانت في السابق. والمهم في الأمر، أن عودة الطيران السعودي في حال حصوله، يعني عودة لبنان إلى الخط الاقتصادي العربي انطلاقا من عودة الحركة الجوية السعودية إلى لبنان". وختمت "أن أي تطور إيجابي بالنسبة الى الحركة الاقتصادية بين البلدين يعبّر عن قرار سياسي مستجدّ من جانب المملكة".

السفير كبارة: المملكة الداعم الأكبر للبنان

في مقابلة مع "المجلة"، تحدث السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية الدكتور فوزي كبارة عن تقييمه لدور المملكة في دعم استقرار لبنان، وقال: "إن المملكة كانت ولا تزال الداعم الأكبر لأمن لبنان واستقراره. وهي الآن تبذل جهدها لمساعدة الحكومة اللبنانية في بسط سيطرتها على الأراضي اللبنانية كافة". ورأى "أننا الآن أمام انطلاقة جديدة في العلاقات اللبنانية-السعودية بعد فترة غير وجيزة، من الموقف السعودي الرافض للتدخل، عندما كان لبنان غارقا في صراع داخلي عميق وانقسام حاد على الأمور الأساسية في البلد".

إن السعودية ترى أن على الدولة اللبنانية الآن، أن تحدد خياراتها. فإما أن تقف في الصف العربي، وتحظى بدعم الدول العربية والخليجية في السياسة والاقتصاد، وإما أن تكون في المقلب الآخر

الدكتور فوزي كبارة، السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية

وعن أبرز الجهود المبذولة لإعادة مد الجسور السياسية والديبلوماسية والاقتصادية قال كبارة، "إن المملكة العربية السعودية ترى أن على الدولة اللبنانية الآن، أن تحدد خياراتها. فإما أن تقف في الصف العربي، وتحظى بدعم الدول العربية والخليجية في السياسة والاقتصاد، وإما أن تكون في المقلب الآخر". وأكد "أن القيادة السعودية تثق بالقيادة اللبنانية الحالية وبقدرتها على إدارة الأزمة، والنهوض بالبلاد مجدداً إلى شاطئ الأمان".

محاربة الفساد وضبط الحدود

والمطلوب من الدولة اللبنانية لإعادة بناء الثقة الكاملة مع المملكة العربية السعودية، وفقا للسفير كبارة هو "محاربة الفساد، وضبط المرافق البرية والبحرية والجوية، ومعالجة الفلتان الأمني على الأراضي اللبنانية كافة".

.أ.ف.ب
مساعدات مقدمة من مركز الملك سلمان لإغاثة النازحين في جنوب لبنان خلال الهجمات الإسرائلية، 19 أكتوبر 2024

وعن موقف المملكة من دعم الاقتصاد اللبناني، أو المساهمة في مشاريع إنمائية عبر الصندوق السعودي للتنمية، قال كبارة، "لا أعتقد أنه بالإمكان دعم لبنان اقتصاديا قبل أن يباشر اتخاذ خطوات عملية لمحاربة الفساد في الإدارات العامة". وعن وجود استثمارات سعودية جديدة مرتقبة في لبنان وفي أية قطاعات، أوضح كبارة "أن الاستثمارات السعودية في القطاعات كافة مرتبطة ارتباطا مباشرا بالاصلاحات المرتقبة من العهد اللبناني الجديد".

أما بالنسبة إلى حجم التبادل التجاري بين البلدين ومؤشرات تحسنه بعد فترة التراجع، لفت كبارة إلى أن "حجم التبادل التجاري بين لبنان والمملكة العربية السعودية بلغ نحو 600 مليون دولار قبل قرار الحكومة السعودية منع الاستيراد من لبنان. ومن الطبيعي أن يتحسن فور رفع هذا الحظر. علما أن المملكة هي ثاني أكبر مستورد للمنتجات اللبنانية، بعد الإمارات العربية المتحدة".

الجدول الزمني للعودة مرتبط بالإصلاح

ولفت السفير كبارة إلى "أن الجدول الزمني لعودة العلاقات الاقتصادية إلى مسارها الطبيعي بعد التراجع، مرتبط بقدرة الحكومة اللبنانية على إنجاز وعود الإصلاح". وعن المشاريع الاستثمارية السعودية في لبنان، قال كبارة "إن صندوق الاستثمارات السعودي يستثمر حاليا في دول عديدة حول العالم، وهو مستعد أن يستثمر في لبنان متى كانت البيئة ملائمة لذلك، خصوصا أنه استثمر بمليارات الدولارات في دول عربية مجاورة".

أن الجدول الزمني لعودة العلاقات الاقتصادية إلى مسارها الطبيعي بعد التراجع، مرتبط بقدرة الحكومة اللبنانية على إنجاز وعود الإصلاح، وضبط الحدود البرية والبحرية ومعالجة الفلتان الامني

الدكتور فوزي كبارة، السفير اللبناني لدى المملكة العربية السعودية

وردا على سؤال عن رصده تحولا في نظرة القطاع الخاص السعودي تجاه لبنان كموقع استثماري للمرحلة المقبلة، أوضح "أن العديد من الشركات ورجال الأعمال السعوديين يرون في لبنان موقعا استثماريا مميزا، نظرا لموقعه الجغرافي الفريد وعلاقاته التجارية العالمية، وسهولة التواصل فيه. لكن تحذيرات دولتهم تجعلهم يتريثون الآن إلى حين نضوج المعادلة السياسية، ويصبح البلد أكثر أمانا واستقرارا، خصوصا أنهم لا يزالون ممنوعين حتى من زيارته".

اللبنانيون يتصدرون المستثمرين الأجانب في السعودية

أما بالنسبة إلى ما إذا كان هناك ميل سعودي لتسهيل الشروط للبنانيين للعمل في المملكة في ظل استمرار الأزمة الاقتصادية اللبنانية، قال كبارة "أعتقد أن أكبر عدد مستثمرين أجانب في المملكة العربية السعودية هم من الجنسية اللبنانية. وهذا إن دل على شيء، فإنه يدل على حرص المملكة على دعم الخبرات اللبنانية، كما على رغبة اللبنانيين في الاستثمار في ربوعها".

Shutterstock
صورة جوية لمدينة بيروت

وأوضح "أن الجالية اللبنانية في المملكة تضم رجال أعمال مميزين، ويعملون بتفانٍ في كبرى الشركات السعودية، ويقدمون نموذجا فريدا من الاحترافية، ومن خلال ذلك يعززون التعاون الاقتصادي بين البلدين متى سنحت الفرص بذلك".

وعما إذا كانت السعودية ترى دورا اقتصاديا كبيرا للبنان في ظل المتغيرات في المنطقة، أكد السفير كبارة: "بالطبع فمن المتوقع أن تلعب الشركات اللبنانية دورا كبيرا في إعمار جنوب لبنان وسوريا والمناطق المجاورة".

السيادة الحافز الأبرز لإنعاش العلاقات

لا شك أن العلاقات اللبنانية-السعودية ليست مجرد علاقات تقليدية بين بلدين عربيين. بل ترتكز على تاريخ طويل من الدعم والتفاعل والتقاطع في المصالح. إلا أن تحولات العقدين الأخيرين فرضت واقعا جديدا جعل المملكة تعيد النظر في مقاربتها تجاه لبنان.

 اليوم تقف هذه العلاقات أمام مفترق طرق: فإما أن يستعيد لبنان عافيته السياسية، ويطلق عملية إصلاح جادة وشاملة تعيد الثقة الخليجية والدولية به. أو أن يستمر في دوامة الانهيار والتهميش العربي. وفي كل الأحوال، تبقى السعودية لاعبا رئيسا، ليس فقط من منظور الدعم المالي، بل أيضا من حيث الاستثمار في الاستقرار الإقليمي، والذي يشكل إنقاذ وضع لبنان، أحد مفاتيحه ذات الأهمية.

المطلوب فتح صفحة جديدة، عبر حصرية السلاح في يد الدولة، وتنفيذ إصلاحات هيكلية في المالية العامة، توفير بيئة قضائية شفافة لحماية الاستثمارات، وهذا ما سينعكس إيجابا على العلاقات السياسية والاقتصادية مع السعودية وغيرها من الدول

لذلك فإن مستقبل العلاقات اللبنانية-السعودية، مرهون بإرادة لبنانية واضحة لاستعادة الدولة ومؤسساتها، وفتح صفحة جديدة قوامها الاحترام المتبادل، والشراكة في التنمية والتزام سيادة لبنان وانتمائه العربي. ولا شك ان خطوة مجلس الوزراء اللبناني بإقرار حصرية السلاح في يد الدولة لها انعكاساتها السياسية والاقتصادية على العلاقة مع السعودية.

Shutterstock
العلمان السعودي واللبناني

بعد انتخاب الرئيس جوزف عون رئيسا للجمهورية اللبنانية في يناير/كانون الثاني 2025، كانت وجهته الخارجية الأولى، المملكة العربية السعودية، التي زارها في 3 مارس/آذار 2025. وجاءت الزيارة بدعوة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، حيث عكست الزيارة رغبة لبنان في ترميم العلاقات واستعادة أوجها مع الرياض، بعد سنوات من التوتر.

الهيئات الاقتصادية: هذه شروط عودة الاستثمارات

يذكر أن هروب الرساميل والاستثمارات على أنواعها من لبنان، ومن كل دول العالم، بدأ مع تصاعد نفوذ "حزب الله"، وحملات الحزب وأدواته الإعلامية على المملكة. فتراجعت كل مجالات التعاون الاقتصادي وحركة القطاعات السياحية والمالية. فبعد أن كانت الشركات السعودية، من بين الجهات الفاعلة في قطاعات حيوية، انسحب عدد كبير من المستثمرين أو جمدوا أنشطتهم، في ظل بيئة غير مستقرة بالنسبة إليهم، وتردي مناخ الأعمال.

لذا فإن العودة السعودية، وغيرها من الدول، كما اعلنت مرارا مجالس الهيئات الاقتصادية اللبنانية مشروطة بالآتي:

أولا: استعادة الدولة اللبنانية قرارها السيادي، وحصر السلاح بيدها، بعيدا من هيمنة أي جهة مسلحة أو محاور خارجية.

ثانيا: تنفيذ إصلاحات هيكلية واضحة في المالية العامة، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

ثالثا: توفير بيئة قانونية وقضائية شفافة لحماية الاستثمارات وضمان حقوق المستثمرين.

رابعا: اعتماد سياسات تعاون اقليمي متوازنة، تراعي علاقات لبنان مع محيطه العربي والخليجي.

وقد عبرت السعودية مرارا، سواء عبر بيانات رسمية، أو مواقف ديبلوماسية، عن استعدادها للانخراط مجددا في دعم لبنان، شرط أن يقترن ذلك بإرادة جدية للتغيير بناء لقاعدة سيادة الدولة اللبنانية أولا.

font change

مقالات ذات صلة