بالتزامن مع إعلان جماعة "الحوثيين" في اليمن عن مقتل من وصفته بـ"المجاهد الكبير" رئيس أركان القوات التابعة لها، محمد عبدالكريم الغماري، أطل زعيم الجماعة، عبدالملك الحوثي، بخطاب ناري كال فيه اتهامات خطيرة، علنية وغير مسبوقة لمن سماها "خلية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي"، وذلك في "رصد اجتماع للحكومة، والإسراع بإبلاغ العدو الإسرائيلي به"، حيث شنت إسرائيل على الفور كما تشير تصريحات الحوثي، سلسلة غارات مكثفة على صنعاء استهدفت إحداها اجتماعا لحكومة الجماعة (غير المعترف بها) وأسفرت عن مقتل رئيس الحكومة ونحو عشرة من وزرائه بالإضافة إلى قادة آخرين، كان من بينهم الغماري الذي طالما وصف بأنه عسكري محترف وعقائدي متطرف يقف على رأس الجهاز العسكري للجماعة وخلف الهجمات الصاروخية التي أطلقها الحوثيون على إسرائيل وأخطر "الاعتداءات" التي انتهك بها الحوثيون حرية وسلامة الملاحة التجارية في كل من البحر الأحمر وخليج عدن.
ربما كانت هذه هي المرة الأولى غير المعتادة التي يتولى فيها زعيم الجماعة بنفسه، في خطاب متلفز، توجيه الاتهام بالتخابر لإحدى أهم منظمات الإغاثة الدولية التي يحتاج إليها اليمنيون، خصوصا في مناطق سيطرة جماعته.
أكد الحوثي أن الأجهزة الأمنية التابعة لجماعته وضعت يدها على "معلومات قاطعة عن ذلك (الدور التجسسي العدواني الإجرامي) للخلايا التي تم اعتقالها"، وكان لها "الدور الأساسي في الاستهداف الإسرائيلي لاجتماع الحكومة، ومقتل رئيسها ورفاقه، كما قال.
أبعد من ذلك، ادعاء الحوثي حيازته أدلة تبرهن على إمداد تلك "المنظمات بأجهزة وإمكانات تجسسية تستخدم عادة لدى أجهزة الاستخبارات العالمية" وفق ما جاء حرفيا على لسانه.
تحد حوثي نوعي
وبعد يومين فقط من الخطاب "التعبوي" لزعيم الجماعة ضد منظمات الإغاثة الإنسانية داهمت قوات تابعة لما يسمى جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، المجمع السكني التابع للأمم المتحدة في شارع حدة بالعاصمة صنعاء، مستخدمة عربات مدرعة وعددا من المركبات المسلحة، وذلك بعد أن كانت قد ضربت طوقا أمنيا على الموقع باستخدام قوات إضافية.
وبحسب مصادر إعلامية فإن عناصر الميليشيا انتشرت داخل مباني المجمع بعد اقتحامه، حيث قطعت التيار الكهربائي وأوقفت أنظمة المراقبة، كما عطلت خدمات الاتصالات والإنترنت في محاولة لعزل المكان بالكامل.
وأفادت تلك المصادر بأن نحو 15 موظفا دوليا من جنسيات مختلفة كانوا موجودين داخل المجمع، إلى جانب عدد من العاملين اليمنيين في المجالات اللوجستية والأمنية.
وخلال عملية الاقتحام، أجبر المسلحون الحوثيون الموظفين الأجانب على مغادرة مكاتبهم ومساكنهم والتجمع في فناء أحد المباني، بينما احتجزوا الموظفين المحليين في الطابق تحت الأرضي للمجمع.
وأفادت تقارير متطابقة بأن "عناصر الميليشيا نفذت تفتيشا دقيقا لجميع المباني، وصادرت معدات وأجهزة متنوعة، من بينها أنظمة تسجيل كاميرات المراقبة والسيرفرات والأقراص الصلبة وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، إضافة إلى عدد من الوثائق الخاصة بالمكاتب"، وفق تلك المصادر، التي أضافت أنه لم يسمح سوى للموظفين الأجانب فقط بالتواصل مع عائلاتهم، فيما يخضع الموظفون اليمنيون لتحقيقات أمنية مطولة.