لا تختلف الولايات المتحدة وإسرائيل اختلافا جوهريا إلا في بضعة مجالات، يبرز أحدها في سوريا بشكل غير متوقع إلى حد ما. فقد شعرت الأخيرة بالقلق إزاء احتضان الرئيس دونالد ترمب السريع للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي وصفه وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأنه "جهادي يرتدي بدلة".
بوغتت حكومة نتنياهو عندما التقى ترمب بالقائد السابق لـ"جبهة النصرة" (المرتبطة بتنظيم "القاعدة") في السعودية في مايو/أيار الماضي. وطغى عليها شعور متزايد بالاستياء مع ظهور تقارب واضح بين الزعيمين، سواء على صعيد رمزي تبدى في زيارة الشرع للمكتب البيضاوي، أم على صعيد السياسة، كخطوة واشنطن لرفع العقوبات عن سوريا وضغطها المزعوم على إسرائيل لتطبيع العلاقات مع دمشق. وأبعد من ذلك، ازداد قلق المسؤولين الإسرائيليين من ميل توم باراك، سفير ترمب لدى تركيا وإحدى الشخصيات المحورية في الملف السوري، نحو تبني النهج الذي تفضله أنقرة.
ومن المؤكد أن الكثير من المراقبين الضالعين في الشأن السوري أشادوا بتواصل واشنطن السريع وغير المتوقع مع الزعيم السوري الجديد. ورفع قرار ترمب المبكر بإلغاء مجموعة من العقوبات الآمال في تسريع إعادة دمج سوريا بعد سنوات من العزلة، التي وُضعت في أوقات مختلفة ضمن إطار "محور الشر" وفقا لمنظور واشنطن أو "محور المقاومة" بحسب رواية طهران. وبدلا من تبني موقف حذر قائم على مبدأ "الإدانة حتى تثبت البراءة"، ابتعدت الولايات المتحدة بجرأة عن عبء الإثبات، وتعاملت مع الشرع على أنه "بريء حتى تثبت إدانته". وهذا التمييز ليس مجرد اختلاف في المصطلحات، فحتى التخفيف الجزئي للعقوبات يبعث برسائل واضحة إلى الشركاء والقوى الإقليمية بأن واشنطن لن تحول دون الاستثمار والتواصل الدبلوماسي مع سوريا الجديدة. ويتجنب في الوقت نفسه السيناريو الذي تُدفع فيه دمشق المهمشة إلى أحضان خصوم أميركا، أو تُجبر على الاعتماد على حليفتها الوحيدة منذ أمد بعيد، تركيا.


