وهناك شركات أخرى تعاني فائضا في عمالتها لأسباب شتى، منها الاستحواذ على كيانات أدت إلى مضاعفة عدد الموظفين من موارد بشرية وعلاقات عامة وتسويق ومحاسبة، ممن يؤدون المهمات نفسها من دون الحاجة إلى ذلك، تماما كما هي الحال لدى "مايكروسوفت".
وفي السويد، اضطرت "مجموعة إمبرايسر" الناشرة للألعاب والتي تمتلك 135 استوديوا حول العالم، إلى وقف المطورين لديها وكذلك إلغاء الألعاب وتسريح الموظفين، بعد فترة من التوسع المتسارع، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى اعتماد الشركة على التمويل الخارجي الذي يمكن أن يلغى أو يؤجل خلافا لخطط الشركة واستراتيجياتها.
عرض جهاز "بلايستايشن VR2" خلال مؤتمر صحافي لشركة "سوني" قبل بدء معرض CES في 4 يناير 2023 في "لاس فيغاس". وكانت "سوني" ألغت نحو 8٪ من قوتها العاملة العالمية
ومع انتهاء فقاعة "كوفيد-19" والتصحيح المرتبط بمستوى الإيرادات الذي بلغ ذروته حاليا، بدأت خيارات الشركات الخاطئة وغير المستدامة تتكشف للعلن مع حملة تسريح الموظفين الحاصلة اليوم. بمعنى آخر، قد لا تنذر هذه الحملة بوجود ضعف كامن في صناعة ألعاب الفيديو، إنما بنمو مشوه عكس استغلال الشركات للأزمة دون أن تؤخذ في الاعتبار تطورات المرحلة وعودة الاستقرار والتغيرات التي تستتبعه.
أثر الاضطرابات الاقتصادية ورفع الفوائد
لا نغفل كذلك عن تأثر الصناعة باضطرابات الاقتصاد العالمي لا سيما بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة التي رفعت التكاليف من جهة، والتي لا بد أن يكون لها انعكاساتها على رغبة الناس في الإنفاق على ألعاب الفيديو أو تخصيص وقت أطول في استخدامها من جهة أخرى. فكان خيار شركات الألعاب إقصاء المشاريع التي تشكل خطرا على ميزانياتها مع ما يلحقها من موظفين، وإبقاء كل ما هو مضمون لجهة استدامة الأرباح. ولهذا الخيار الأخير متطلباته بعدم الاكتفاء بالألعاب القائمة والعمل على إضافة قائمة من الألعاب الجديدة على الدوام لتفادي خطر أكبر في المستقبل، ألا وهو انعدام التنافسية.
...ودور الذكاء الإصطناعي المستجد في الألعاب
يلوح في الأفق أيضا تحدّ جديد لعمل الموظفين في هذه الصناعة مع استشراف إمكانات استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير الألعاب وإنتاج محتواها وتحسين أدائها، ونجاح اعتماده من قبل الشركات أو فشلها في القيام بذلك، مع ما يعنيه ذلك من تدنّ لقدرتها على المنافسة.
إقرأ أيضا: "إنفيديا" والرأسمالية الرقمية "المتوحشة"
ليست صناعة ألعاب الفيديو إلا جزءا صغيرا مما يدور في أروقة الشركات، الأميركية خصوصا، من خفض لعدد الموظفين في القطاعات كافة. فقد سجل شهر يناير/كانون الثاني وحده أعلى مستوى لهذا الخفض منذ 10 أشهر، حيث فقد أكثر من 82,300 موظف وظائفهم في الشركات الأميركية، من عمالقة التكنولوجيا والشركات الناشئة، بالإضافة إلى المصارف وشركات الخدمات المالية، وفقا لتقرير صدر عن شركة "تشالنجر، غراي وكريسمس" (Challenger, Gray & Christmas).
أما قطاع التكنولوجيا بشكل عام، فقد خسر أكثر من 262,000 وظيفة في عام 2023، وهو الأكبر لجهة تسريح الموظفين مقارنة ببقية القطاعات، منها أكثر من 18 ألف وظيفة في "أمازون" وحدها، و12 ألف وظيفة في "ألفابيت"، و11 ألف وظيفة في "مايكروسوفت".