قد تكون الأيام المئة الأولى التي أمضاها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض من الأطول على الإطلاق في تاريخ نوائب الاقتصاد العالمي، منذ إطلاق "وزارة كفاءة الحكومة" التي يديرها إيلون ماسك، وصولا الى حرب الرسوم الجمركية. ثلاثة أشهر حملت من المفاجآت، للحلفاء قبل الخصوم، ما لا يتصوره عقل اقتصادي راجح، وكانت أشبه بسيرك للألعاب البهلوانية، استحال حلبة ملاكمة بين كبارٍ، الجميع فيها مهزوم.
غالبا ما تُقيَّم المئة يوم الأولى من الرئاسة بالخطوات الجريئة، بما فيها تنفيذ بعض الوعود الرئاسية الانتخابية، ورسم مسارات العمل المستقبلية، وتقييم أداء فريق الإدارة الجديدة. لكن الأمر لم يكن كذلك للرئيس ترمب، الشخصية الأكثر إثارة للجدال ورسومات الكاريكاتور، الذي تتخذ سياساته طابع الصفقات والمناورات والمفاوضات التي عهدها في أعماله التجارية، غير مكترث لإخفاء استغلال منصبه ونفوذه باعتبارهما امتدادا لمصالحه الخاصة، أو لآرائه الشخصية على الأقل.
أسلوب ترمب "الوقح" لم يردعه عن طرح ضم كندا إلى أميركا لتكون الولاية الحادية والخمسين، وكذلك غرينلاند، متجاهلا أي وجود لسيادتها، الى إعلانه أحقية الولايات المتحدة في عبور سفنها مجانا قناتي "السويس" و"بنما" التي سبق أن هدد باستعادتها قبل شراء شركة "بلاك روك" الأميركية موانئ استراتيجية تابعة لها، وكذلك "الاستيلاء" على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق الأوسط". وهي تصريحات أثارت قلق دول العالم.
في هذه الأثناء، لم تكن الأمور على ما يرام في الداخل أيضًا. فقد أظهرت الأرقام الصادرة عن وزارة التجارة في 30 أبريل/نيسان انكماش الاقتصاد الأميركي بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار، مسجلاً أسوأ أداء له منذ ثلاث سنوات. وبالطبع، ألقى ترمب باللوم في ضعف الأداء على سلفه، ولكن في الواقع، فإن الانكماش المسجل والذي بلغ 0,3 في المئة أقل بكثير من معدل النمو القوي البالغ 2,4 في المئة المحقق خلال الأشهر الثلاثة السابقة في عهد جو بايدن.
كل ما شهدناه قد لا يكون سوى فاتحة لمشهد أكبر، فعندما سئل ترمب في مقابلته قبل يومين مع مجلة "أتلانتيك" عن إمكان ترشحه لولاية ثالثة عام 2028، قال إنها "ستكون زلزالا سياسيا كبيرا"، على الرغم من إقراره بأن "هذا ليس شيئا أطمح إليه، وأعتقد أنه سيكون أمرا صعبا للغاية"، مع أنه "لا يمزح" في هذا الشأن، كما قال لشبكة "أن. بي. سي. نيوز" الشهر الماضي.