الزعم بأن الحرب بين إيران وإسرائيل، تتلخّص في مصير منشأة فوردو هو تبسيط، بل ومضلّل أيضا. فلنفترض، للحظة، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب قرّر إرسال طائرات حربية أميركية، لتدمير الموقع النووي المدفون تحت الأرض. فماذا بعد؟ ما الخطوة التالية بالنسبة للولايات المتحدة؟ وكيف سيكون ردّ إيران؟
نظرا لتوجّس ترمب العميق، ولأسباب وجيهة، من أيّ أنخراط مفتوح في الشرق الأوسط، فمن المرجّح أن يكتفي بالضربة، فيعيد القاذفات إلى قواعدها، ويُعلن "النصر". ولكن هل من شأن ذلك أن يَحلّ المشكلة فعلا؟ أشكّ في ذلك.
لقد توعّدت إيران، في حال تعرّضها لهجوم، بالانتقام من القوات والمصالح الأميركية في المنطقة، وهو ما سيكون أسهل عليها بكثير، بالنظر إلى القرب الجغرافي للقواعد الأميركية في الخليج– أحد الأسباب الرئيسة لفشلها النسبي في استهداف إسرائيل، إلى جانب افتقارها إلى سلاح جوّ حديث.
وإذا أطلقت إيران النار– وهو ما ستفعله– ستجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للردّ بقوة مدمّرة، وربما تمضي نحو "الضربة القاضية" عبر تصفية القيادة في طهران بقتل "المرشد" علي خامنئي، كما هدّد ترمب مؤخرا. وفي خضمّ مثل هذا الاشتباك، ستكون الخسائر الأميركية حتمية، وإن تكُن على الأرجح أقلّ وطأة، نظرا لحالة التأهّب القصوى للقيادة المركزية الأميركية، ولأمر ترمب بإجلاء عدد كبير من أفراد القوات الأميركية من المنطقة، وهي ستظلّ بكل تأكيد ضئيلة مقارنة بما ستتكبّده إيران.
دعونا نستعرض سيناريو الحرب المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران: هل سيكون من مصلحة واشنطن أن تواجه إيران فراغا سياسيا وأمنيا محتملا، وهي دولة يتجاوز عدد سكانها 90 مليون نسمة، وتضمّ تركيبة سكانية متعدّدة الأعراق؟ الجواب الصريح، والذي لا يرغب كثير من الإيرانيين في سماعه، هو "لا" ذلك أن ما جرى في العراق وأفغانستان، لا يزال ماثلا في الأذهان.