في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2025 وصلت إلى جوهانسبرغ طائرة مستأجرة تقل مئة وثلاثة وخمسين فلسطينيا من دون أي وثائق خروج رسمية. في البداية امتنعت السلطات الجنوب أفريقية عن السماح للركاب بدخول البلاد بسبب غياب أختام الخروج على جوازات سفرهم وعدم وجود ترتيبات مسبقة لإقامتهم. لاحقا وافق الرئيس سيريل رامافوزا على استقبالهم لأسباب إنسانية. غير أن الحادثة كشفت عن مسار منظم لرحلات مغادرة للفلسطينيين من غزة، تنفذ عبر قنوات مرتبطة بالجيش الإسرائيلي.
وقد لا يكون اختيار وجهة الرحلة النهائية مصادفة. فأمام رحلة يبدو أنها لم تُنسق مسبقا وجدت الحكومة الجنوب أفريقية، المعروفة بموقفها الداعم للفلسطينيين، نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما. إما السماح بدخول هؤلاء اللاجئين أو ترحيلهم علنا، وهو ما كان سيشكل مأزقا دعائيا فادحا. هذا التردد في استقبال فلسطينيين قادمين من غزة عرّض البلاد لاتهامات بالنفاق، وهو ما قد يكون الهدف من العملية أو أحد أهدافها المحتملة.
يكشف الأسلوب الذي تُنظّم من خلاله هذه الرحلات عن انخراط واسع لمؤسسات الدولة على أكثر من مستوى. حيث ذكر عدد من الركاب أنهم سجّلوا عبر موقع إلكتروني تديره منظمة "المجد أوروبا" منذ يونيو/حزيران 2025، ودفعوا ما بين ألف وخمسمئة، وخمسة آلاف دولار للفرد، لقاء ترتيبات السفر. ومنح من حصل على موافقة من السلطات الإسرائيلية تعليمات واضحة للتجمع في نقاط محددة داخل غزة، ثم نقلتهم مركبات عسكرية إسرائيلية عبر معبر كرم أبو سالم إلى مطار رامون في جنوب إسرائيل. وهناك استقلوا طائرات مستأجرة من دون معرفة دقيقة بالوجهة النهائية.
ووفق ما أورده موقع "ديلي مافريك" الجنوب أفريقي، كان بعض الركاب يحملون تذاكر سفر إلى كندا وأستراليا، فيما اعتقدت الغالبية أن وجهتها النهائية ستكون الهند.

