إحصاءات السكان وسوق العمل في الخليج ... هل من جديد؟

تحسنت مشاركة المواطنين في مختلف القطاعات، إلا أن نسبة العمالة الوافدة لا تزال الأعلى

.أ.ف.ب
.أ.ف.ب
القمة الخليجية في مدينة الكويت 5 ديسمبر 2017

إحصاءات السكان وسوق العمل في الخليج ... هل من جديد؟

أفادت بيانات صادرة حديثا عن مركز الإحصاء الخليجي، مقره مسقط في عمان، بأن عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجية بلغ في نهاية عام 2024 ما يربو على 61.2 مليون نسمة بزيادة 2.1 مليون نسمة على عددهم في عام 2023. هل هذه البيانات مدعاة للاحتفال؟ الواقع أن معظم هذه الزيادة جاءت من ارتفاع أعداد الوافدين في المنطقة.

معلوم أن هناك زيادة كبيرة في عدد سكان المنطقة حيث كان عددهم بموجب الموقع الرسمي لمركز الإحصاء الخليجي 38.6 مليونا في عام 2011. أي أن عدد السكان ارتفع 22.6 مليون نسمة خلال الـ 14 عام الماضية.

وذلك نتيجة لتوسع دول الخليج في النشاط الاقتصادي واطلاق مشروعات عقارية وبنية تحتية ومرافق كهرباء ومياه وطرق، فاضطرت إلى استقدام العمالة من الهند وعدد آخر من الدول الأسيوية والعربية.

بلغ عدد قوة العمل في دول الخليج في نهاية عام 2023 ما يعادل 31.7 مليون عامل يعمل 15.9 مليون عامل منهم في السعودية أي ما يقارب 50%. أما الامارات فتستوعب 7.3 ملايين عامل يمثلون 23%، والكويت 2.8 عامل وعمان 2.7 مليون عامل وقطر 2.2 مليون عامل والبحرين 0.8 مليون عامل

مركز الإحصاء الخليجي

يضاف إلى ذلك أن النمو السكاني بين مواطني دول الخليج لا يزال مضطردا، وهناك معدلات خصوبة مرتفعة نسبيا قياسا بالمعدلات الأممية والبلدان الصناعية في أميركا الشمالية وأوروبا والبلدان الآسيوية.

توزيع السكان بحسب الدول

ارتفع عدد سكان الخليج كما يتضح آنفا بمقدار 1.6 مليون سنويا منذ عام 2011 وبما يمثل 2.6 في المئة. وتوزع السكان على دول الخليج كالتالي:

ديانا استيفانيا روبيو

لا تزال السعودية تستقطب النسبة الأعظم من سكان المنطقة تليها دولة الأمارات، ويعد ذلك الأمر طبيعيا حيث تتميز السعودية بمساحة جغرافية كبيرة وباقتصاد كبير ومتنام، تليها الإمارات وإن بمساحة أصغر. وتحظى عمان بمساحة كبيرة جغرافيا، ولكن الامكانات الاقتصادية فيها تعد محدودة قياسا بدول مثل السعودية والإمارات والكويت وقطر.             

المواطنون والوافدون

يرتبط النمو السكاني المثالي بالنمو الاقتصادي ومؤشرات التنمية المستدامة. كما هو معلوم أن دول الخليج انتعشت اقتصاديا ثم سكانيا منذ مطلع الخمسينات من القرن الماضي عندما تأكدت قدراتها على إنتاج وتصدير النفط الخام. فرضت متطلبات الحياة الاقتصادية مدى العقود السبعة الماضية على بلدان الخليج استقدام العمالة الوافدة، لكن بالرغم من انتعاش الحياة التعليمية لا يزال هناك قصور في أعداد المواطنين القادرين والمؤهلين لإنجاز متطلبات المنشآت في مختلف القطاعات الاقتصادية، ولذلك ظلت نسبة الوافدين طاغية في عدد من بلدان الخليج ما عدا السعودية وعمان. وتتوزع أعداد السكان بين مواطنين ووافدين كالآتي في الدول الخليجية الست:

تظل نسبة العمالة الوافدة أعلى في سوق العمل في مختلف بلدان الخليج.

يذكر تقرير لمركز الإحصاء الخليجي أن القوى العاملة في دول الخليج نمت بنسبة 2.5 في المئة سنويا خلال الفترة 2019 – 2023 لكن نسبة العمالة الوطنية ظلت تدور حول 22.8 في المئة من قوة العمل الإجمالية. يشير التقرير الى أن عدد قوة العمل في دول الخليج بلغت في نهاية عام 2023 ما يعادل 31.7 مليون عامل يعمل 15.9 مليون عامل منهم في السعودية أي ما يقارب 50 في المئة.

يشكل الواقع السكاني وتركيبة قوة العمل في دول الخليج تحديات كبيرة لصانعي القرار في بلدان المنطقة

أما الامارات فتستوعب 7.3 ملايين عامل يمثلون 23 في المئة، والكويت 2.8 عامل بنسبة 9 في المئة وعمان 2.7 مليون عامل بنسبة 8.5 في المئة وقطر 2.2 مليون عامل بنسبة 7 في المئة والبحرين 0.8 مليون عامل بنسبة 2.5 في المئة. ويمثل العاملون في الخليج 56 في المئة من إجمالي السكان. وكما يشير التقرير، فإن العمالة الوافدة تمثل 77.2 في المئة من قوة العمل الإجمالية. تؤكد هذه البيانات الاختلالات في سوق العمل حتى يومنا هذا وصعوبة التغيير وإحلال العمالة الوطنية في وظائف ومهن عديدة، ولا ينتظر أن تتغير أوضاع سوق العمل ومن ثم التركيبة السكانية خلال الزمن المنظور.   

ديانا استيفانيا روبيو

يشكل الواقع السكاني وتركيبة قوة العمل في دول الخليج تحديات كبيرة لصانعي القرار في بلدان المنطقة. ليس سهلا إحلال المواطنين في وظائف الوافدين عبر أهداف نظرية فقط. يتطلب الأمر تغييرات هيكلية في التعليم والتدريب المهني، وكذلك في القيم والذهنية الثقافية والاجتماعية.

قبل عصر النفط، كان السكان يعتمدون على نشاطات محدودة مثل الغوص على اللؤلؤ أو التجارة، وكان المهاجرون يندمجون في المجتمع ويؤدون أي عمل متاح. ومع تحسن الأوضاع المعيشية وزيادة التعليم، تحول الاعتماد على العمالة الوافدة، خصوصا العمالة المنزلية والهامشية غير المؤهلة مهنيا.

أهداف التنمية والاصلاح

تسعى دول الخليج إلى بناء قوة عمل وطنية متوافقة مع التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، ويعني ذلك ضرورة إصلاح النظام التعليمي وبناء برامج تدريبية حديثة تواكب التجارب العالمية في الدول المتقدمة مثل سنغافورة، وكوريا وفنلندا وتايوان.

لن يتمكن صانعو القرار من إصلاح التركيبة السكانية دون إصلاح سوق العمل، وعندما تظهر بيانات سكانية تحسن مساهمة المواطنين في سوق العمل، يمكن اعتبارها مؤشرا الى نجاح إصلاح التركيبة السكانية.

font change