عالميا كان حضور كامي كلوديل هو الحدث التشكيلي الأبرز في عام 2025. أما عربيا فإن غياب الرسام والناقد السوري أسعد عرابي كان الحدث الأبرز.
وما بين حضور كلوديل الذي هو نوع من إعادة اعتبار، وغياب عرابي الذي هو خسارة كبيرة، حفل المشهد التشكيلي العربي والعالمي بالكثير من الأحداث ذات الوقع المؤثر من جهة القدرة على التعبير عن المستوى الذي وصل إليه إنسان عصرنا في التعبير عن مزاجه الجمالي.
بين معرض أفريقي شامل شهدته العاصمة البريطانية لندن والمقاربات الجريئة التي أقامها "مركز باربيكان" لفن النحات السويسري جياكومتي في المدينة نفسها، هناك رؤية صافية ومتقنة تتحكم بأساليب العرض وطرقه بغض النظر عن المفاجآت السارة التي قد يكون جزء منها أن يستعيد النمساوي غوستاف كليمت مكانته باعتباره الرسام الأعلى ثمنا في التاريخ الفني.
من المؤكد أننا في العالم العربي لم نصل إلى تلك الدرجة من الوضوح في التعامل مع الأعمال الفنية، ومن المقلق فعلا أن المزادات الفنية العالمية أسقطت علينا معادلات، هي ليست جزءا من تاريخنا الفني. كان ذلك مدعاة لولادة سبب جديد للفوضى، ولكنها فوضى نافعة.
ذلك لأن عام 2025 اختتم بمعرض استعادي كبير للفنان الاماراتي عبد القادر الريس في الشارقة ومعرض استعادي للسوري بهرام حاجو في "غاليري مصر" بالقاهرة. الفنانان يمثلان طريقتين متناقضتين في التفكير الفني وهو أمر مفيد. لا يزال الجمال ممكنا في عالمنا. وهو ما يدعو إلى التفاؤل. لم يتخذ الريس من الحروفية غطاء مضللا لفكرة جمالية تزينيية بل حرص على أن يكون تجريديا تعينه اللغة على اقتفاء أثر كائناته المفقودة، أما حاجي فحرص على أن يضع خلاصات علاقته بالتعبيرية الألمانية في خدمة الرسم الخالص الذي يُعلي شأن الصمت.
بيكاسو: الحياة مسرح
لا يمر عام من غير معرض استعادي كبير لبابلو بيكاسو (1888ـ 1973). ولأن الرسام الإسباني الذي عاش في باريس الجزء الأكبر من حياته، كان مخترع أساليب ومكتشف رؤى فنية، فإن تقديمه ساحرا بقبعات يخبئ تحتها الكثير من الأرانب والطيور الخيالية من قبل منسقي المتاحف، صار أشبه بمهنة، تجلب الكثير من الإيرادات المالية إلى المتاحف. ما على المنسق سوى أن يخترع فكرة وسيكون عالم بيكاسو متاحا من أجل تجسيدها. ذلك عالم مرن وواسع ومتعدد الطبقات وملهم ومليء بالمفاجآت. كلما ارتبط بيكاسو بإمرأة، تغير أسلوبه في الرسم.






