تنوعت الأعمال الروائية العربية في 2025، بين نصوص توقفت عند الواقع ومآسيه وأحواله رصدا ومراقبة وتحليلا، وأخرى رأت في العودة إلى الماضي فرصة لتحليق الخيال والهرب أو الابتعاد عن أزمات الراهن وصراعاته، أو أعمال أخرى استطاعت أن تجمع بين الماضي والحاضر وتنسج عالما مغايرا وشيقا تسائل فيه اللحظة الراهنة، مستحضرة أسئلة قديمة في محاولة لاستشراف العالم الجديد.
نطل في ما يأتي على بعض هذه النصوص، مع الإشارة إلى أن الأعمال المذكورة ليست في طبيعة الحال كل ما نشر ولا في الضرورة أهم ما نشر من روايات في 2025، بل هي الأعمال التي رصدها كاتب المقال وتناول بعضها عدد من كتاب "المجلة" خلال العام الحالي.
"دمعة غرناطة" لأحمد السبيت
إلى زمن الأندلس يأخذنا الروائي السعودي أحمد السبيت في روايته "دمعة غرناطة" التي يحكي فيها طرفا من سيرة أحد أبرز علمائها ومفكريها، لسان الدين بن الخطيب، مستعيدا رسم شخصيته، لنرى من خلالها حال تلك الفترة الزمنية الصعبة من تاريخ العالم الإسلامي، ورغم أن العديد من الروايات تناول سابقا تلك الحقبة، إلا أن رواية السبيت، واختياره شخصية ابن الخطيب جاءا موفقين لكتابة رواية مختلفة من جهة، ولاستحضار ذلك الزمان في شخصية روائية حقيقية من جهة أخرى. ينقلنا الكاتب مع بطل روايته منذ نشأته وتربيته بين قصور السلاطين والحكام، حتى أصبح مستشارا للسلطان، وكيف تغير به الحال نتيجة الصراعات السياسية التي كانت تدور في الأندلس بين الحكام، وتقلب به الزمان حتى وصل إلى السجن، وخرج بعدها ليعود نجما بارزا في مجالس الفكر والأدب.

الرواية صدرت عن "دار مضامين"، ووصلت إلى القائمة الطويلة في جائزة الشيخ زايد للكتاب هذا العام.
"الروائي المريب" لفواز حداد
تحضر الأوساط الثقافية مرة أخرى في رواية "الروائي المريب"، التي يستعرض فيها الروائي السوري فواز حداد مجتمع المثقفين والكتاب في سوريا في أيام سيطرة "حزب البعث"، وكيف كانت الثقافة والأدب والكتابة تتحول كلها إلى أدوات قمع وتقييد وسيطرة. الرواية التي تقوم على حدث عابر يبدأ بظهور رواية لروائي غير معروف في الأوساط الثقافية، تتحول إلى حالة تشريح كاملة للمجتمع السوري وأثر السلطة القمعية عليه. ولعل أجمل ما تقدمه الرواية، هو ذلك التجوال الأدبي بين عدد من مقاهي المثقفين في سوريا، وبراعة حداد في عرض العديد من أنماط المثقفين هناك.

لا تتوقف الرواية عند عرض مجتمع المثقفين وإدانته ضمنيا، بل تتجاوز ذلك لتعرض فلسفيا عددا من الأفكار ذات العلاقة بالكتابة والأدب ودورها في المتجمع، وما إذا كان حضور المثقف في المشهد أو غيابه ذا أثر حقيقي وفاعل. وتبدو الرحلة في الرواية قادرة على تضمين عدد من الرؤى التهكمية والنقدية الكاشفة، وكيف يكون للسياسة والسلطة والقمع الذي عاش فيه الناس زمنا طويلا، أبلغ الأثر في بناء شخصياتهم وعالمهم، وكيف ينعكس ذلك على كتابتهم وتلقيهم للكتابة والأدب التي يفترض بها أن تكشف أغوار المجتمع وتعرض بشكل حيادي مشكلاته وسلبياته.
الرواية صدرت عن "دار رياض الريس" في خريف العام.
"البحث عن مصطفى سعيد" لعماد البليك
يستعين عماد البليد بالروائي الطيب صالح وشخصيته الشهيرة، مصطفى سعيد، في رواية "موسم الهجرة إلى الشمال"، ليسرد التحولات المؤلمة والقاسية التي وقعت في السودان في السنوات الأخيرة. هكذا يعود بطل روايته إلى السودان بعد الثورة، وهو محمل وعود الحرية والخلاص من ظلم النظام السابق، ليفاجأ بأن الأمور أشد توترا، بل أنه أصبح ممنوعا من السفر.

هكذا يكون على البطل أن يعيش التجربة التي هرب منها بعد سنوات الغربة الطويلة من جديد، وأن يتحول وجوده إلى شهادة على الواقع السوداني بقسوته البالغة. هكذا يجد نفسه مضطرا إلى مواجهة أسرته واستعادة علاقته بهم بعد قطيعة طويلة. وتتوالى المواقف والحوادث التي تجعله يعيد التفكير في هويته ووطنه، وتلك العلاقة الملتلسة بين الغربة والمفى والوطن في ظل أيام الحروب والدمار. وبذلك يستعيد البليك من خلال بطله أسئلة مصطفى سعيد من وجهة نظر مغايرة لما كان عليه بطل الطيب صالح.
صدرت الرواية عن "دار أيبيدي" بالقاهرة.
"في نهاية الزمان" لعادل عصمت
لا تزال القرية المصرية تنطوب على الكثير لترويه عن واقع الناس وحياتهم، ولا يزال لدى بعض الروائيين ذلك الشغف والاهتمام بسرد وقائع العيش في قرية صغيرة، تختصر العالم كله، ومنهم الروائي المصري عادل عصمت في روايته "في نهاية الزمان" التي تدور حول قرية نخطاي، التي تبدو نموذجا مصغرا للعالم وما شهده من تحولات في تركيبة المجتمع وأدوار أصحابه، سواء كان ذلك العمدة الآمر الناهي في القرية، أو الرجل البسيط، أو حتى المثقف الذي يسعى للجمع بين أصوله القروية وتطلعاته إلى التغيرات الاجتماعية والطبقية التي تمنحها المدينة بأضوائها البراقة وأصواتها الزاعقة.

تبدو حكايات أهل القرية وأصحابها محاولات مستمرة للبقاء في مواجهة تغيرات الزمن. والرواية التي تمتد زمنيا مما قبل ثورة 1952 حتى تصل إلى عصرنا الحديث، يحضر فيها العديد من مفردات التكنولوجيا بدءا بالقطار والتلفزيون وصولا إلى عالم الإنترنت والهواتف المحمولة. وفي كل مرحلة ومع كل تغير يبدو الزمن أمام أفراد تلك القرية من البسطاء وكأنه في نهايته، بينما تمر الحوادث والمواقف والسنوات، ولا ينتهي الزمان، بل يأخذ دورة جديدة، تتغير فيها المواقع والأحوال، ويواصل الزمان في دورته التي لا تلوح لها نهاية.
الرواية صدرت مطلع هذا العام عن دار "الكتب خان" بالقاهرة.
مجانين أم كلثوم... شريف صالح
يعود الروائي المصري شريف صالح إلى عالم أم كلثوم وأغانيها و"مجانينها" في روايته التي يجمع فيها بين عرض أطراف من سيرة سيدة الغناء العربي، وبين تناوله لأغانيها وحكاياتها، من خلال بطل روايته المخرج المسرحي جلال الذي يتعرف من خلال أمه على عالم أم كلثوم، بل ويسعى مع محبيها إلى تأسيس أول جمعية تجمع بين محبي أم كلثوم يسمون أنفسهم "حراس الست"، وبين حكايات أعضاء الجمعية وحكاية جلال الشخصية وأزماته، وعلى نغمات أغاني أم كلثوم وعالمها تدور الرواية.

نتعرف في الرواية على سيرة جلال المخرج المسرحي والمثقف المصري الذي يبدو أن تورطه بأغاني أم كلثوم وعالمها جعله يقع فريسة الحب من طرف واحد، فيتعرف على وسام وتنشأ بينهما قصة حب سريعة وما إن يتزوجا حتى تظهر بينهما الاختلافات والمشكلات، والرواية تعرض لذلك كله بشكل هادئ وبسيط، من خلال حكاية البطل الذي تتقلب حياته وتتغير وفقا لأغنيات سمعها من أم كلثوم أو حكايات يعرفها عنها مثل حكايتها مع الشاعر الغنائي أحمد رامي أو الملحن بليغ حمدي وغيرهما، ولعل الجميل في الرواية هو حرص الروائي شريف صالح على أن تأتي الحكايات كلها متناغمة مع بعضها، فهو يعرض طرفا من حكاية بطل الرواية مع زوجته وما يلقى فيها من خيبات بالتوازي مع حكاية أم كلثوم وكلماتها "أنا وانت ظلمنا الحب" فيما تأتي حكاية أخرى لواحد من أعضاء تلك الجمعية، التي يبدو كل واحد منهم بطل رواية خاصة به.
الرواية صدرت عن دار "المصرية اللبنانية" مطلع هذا العام.
الشتاء الكبير ... أنطون الدويهي
إلى عالم الخيال يحلق بنا الروائي اللبناني أنطون الدويهي في روايته "الشتاء الكبير" ليصور لنا بلدة اسمها "موريا" من خلال بطل روايته الذي يبلغ السابعة عشرة من عمره، ويعيش في الحي الغربي منها، ويحب فتاة في الجزء الشرقي منها، وهو لا يرغب في ترك مكانه والذهاب إلى حبيبته، ولكنه يبثها كل أشواقه وحنينه، وبين هذا وذاك يطلعنا على تفاصيل من حياة الناس على الجانبين، تلك التي سيجدها القارئ شديدة الشبه مع ما حدث ويحدث في لبنان بل وفي كثير من البلدان العربية في السنوات الأخيرة.

يحكي بطل الرواية عن بلدته وتفاصيلها التي يتعلق بها بشدة، رغم ما تعانيه من عزلة وحصار ورغم ما دار فيها من حوادث ثأر وحروب، إلا أنه يظل متعلقا بها محبا لتفاصيلها الطبيعية التي لا يرى مثيلا لها، حتى أن طقوس العنف والموت أصبحت من العادات والتقاليد التي أصبح أسيرا لها، وتبدو حكايته نوعا من التطهر سواء بالإفصاح عن مشاعره شديدة الرقة من جهة أو تدوينه لوقائع العنف والثأر التي تدور من حوله حتى يبلغ الخمسين من عمره من جهة أخرى، وهكذا رغم أن الرواية اعتمدت على الخيال إلا أنها بدت أكثر تماسا مع واقعنا المعاصر.
صدرت الرواية عن "الدار العربية للعلوم ناشرون" بالتعاون مع "دار المدار".
الواقعة الخاصة بأموات أهله... محمد عبد الجواد
عودة إلى روايات الأجيال، يأخذنا الروائي المصري محمد عبد الجواد في رحلة طويلة من مصر محمد علي إلى ما بعد ثورة 2011، من خلال عائلة رمضان الرز وأبنائه وأحفاده، يطلعنا علىى حياة الناس وبنية المجتمع في القاهرة في تلك الفترة شديدة الثراء والتعقيد في عائلة تنتمي للطبقة الوسطى وتعبر عن روح المدينة بشكل دقيق، من خلال ثلاثة نماذج متباينة من عائلة واحدة يبدو كل منهم ممثلا لفئة بعينها ضمن هذه الطبقة، ففي الوقت الذي يمثل فيه الأخ الأكبر حسن أحلام تلك الطبقة وسعيها للمكانة العليا يبقى الأوسط حسين رمزا للانطلاق والتحرر سواء في مشروعه الذي يبدأ به في حي السيدة زينب أو في تعدد زيجاته، فيما حافظت الفتاة أمينة على مكانة العائلة واستطاعت أن تحميها من تقلبات الزمن إلى حين.

يتنقل عبد الجواد بين شخصيات روايته حتى ينقل لنا صورة المجتمع المصري مع التغيرات الكبرى التي شهدها، خاصة مع قيام ثورة يوليو 1952 وما تلاها، حتى يصل بنا إلى صعود جيل الثمانينات والتغيرات التي رافقت عصر التكنولوجيا، وكيف كان أثر ذلك على الأجيال الجديدة.
صدرت الرواية في منتصف العام عن "دار تنمية".
في متاهات الأستاذ ف.ن ... عبد المجيد سباطة
تتمحور الروائي المغربي عبد المجيد سباطة في روايته "متاهات الأستاذ ف.ن" حول حادثة انتحار أستاذ جامعي على خلفية اتهامه بالتحرش، ونتعرف من خلال التحقيقات على خلفيات تلك الحادثة، ولكن المفاجأة التي يكتشفها القارئ أن الأمر أوسع بكثير من مجرد حادثة انتحار أستاذ جامعي في العصر الحالي، فالكاتب يعود بنا إلى تاريخ قديم عربيا وغربيا نتعرف من خلاله على خلفيات ودوافع ومواقف ستقود كلها بعد ذلك لتلك الحادثة الغريبة.

أربع عشرة حكاية تنتقل بنا بين أيام مأساة المسملين في الأندلس إلى الحروب العالمية وما نتج عنها من صراعات، وعلى الرغم من اختلاف وتشعب حكايات الرواية إلا أن سباطة استطاع أن يجمع بين فصول روايته وحكاياته بذكاء، وذلك من خلال استحضار شخصية أستاذ الأدب المقارن رشيد بناصر الذي يقدم كل فصل بقراءة نقدية لواحد من كتب الأدب العربية أو العالمية، وهو بذلك يمهد للقارئ تلك الحكاية أو المغزى العام من القصة التي ترد في الفصل.
صدرت الرواية عن "المركز الثقافي العربي".
الهروب إلى الظل... فريد عبد العظيم
يحضر عالم الثقافة والمثقفين مرة أخرى في رواية المصري فريد عبد العظيم "الهروب إلى الظل"، ولكن من خلال جيلين مختلفين، حيث تدور الرواية حول الروائي "بهيج داود" الذي ينتمي إلى جيل الانكسارات والتحديات، جيل الستينات، وقد قرر الانسحاب من الحياة الأدبية والتوقف عن الكتابة، إلا أن عددا من المثقفين الشباب يقتحمون عزلته، ويعيدون تذكيره برواية كان بدأ التخططيط لها تدور عن طبيب مصري يساري مات أثناء الاعتقال أيام عبد الناصر اسمه "فريد حداد" ورغم ندرة المعلومات عن ذلك الطبيب إلا أن الكاتب يتمكن من الكتابة عنه لتصبح الرواية بمثابة مسودة لعالمين مختلفين، عالم الروائي المعاصر نفسه، وذكريات الماضي التي تتشابه مع الصراعات التي يراها في هذه الأيام.

يتمكن الشباب من إخراج بهيج من عزلته، ويسعون إلى دمجه في ندواتهم ولقاءاتهم في وسط البلد، وتبدو مقاربة الروائي من خلال ذلك المقارنة بين عالمين مختلفين في تلقي العالم والتفاعل معه. وتعكس الرواية من خلال ذلك أحوال المجتمع المصري والتحولات التي شهدها على مدى العقود الماضية، كل ذلك بالتوازي مع حكاية الطبيب المصري فريد حداد الذي جاءت حكايته وكأنها الصورة الضد لبطل الرواية، إذ أنه طبيب استطاع أن يؤثر في الناس ورغم أنه مات في المعتقل إلا أن حكايته لاتزال حاضرة وقادرة على بث الأمل.
الرواية صادرة مطلع العام عن "دار المرايا".
الروع ... زهران القاسمي
إلى جبال وأودية عمان يأخذنا مجددا الروائي زهران القاسمي، في تجربة مختلفة يركز فيها على بطل واحد وتجربة ثرية تغير عالمه وتجعله يفكر في نفسه وعلاقته بمن حوله، وتلك المشاعر التي يخبئها المرء في نفسه طويلا، عن "الخوف" الذي يسكن نفوسنا تدور رواية "الروع" حول محجان الرجل البسيط الذي يقرر أن يصنع "فزاعة" تحافظ على أرضه من حيوانات وطيور الصحراء، حتى تتحول تلك الفزاعة إلى معادل موضوعي لحياته كلها، تتسرب من خلالها ذكريات ماضيه وحكايات حاضره بكل ما فيها من ثقل وقسوة.

نتعرف في الرواية على جوانب مختلفة من عالم القرية العمانية، وما فيها من تفاصيل ثرية، وكيف يتعامل الناس سواء في مواجهة تحديات الطبيعة أو ما يتعاونون فيه سويا لكي يتجاوزوا كل أزماتهم، كل ذلك من خلال شخصية واحدة مركزية يدور العالم حولها، ويتعلق الأمر بمخاوفها التي تدفع القارئ إلى التفكير في مخاوفه وعلاقاته بالناس التي يمكن أن تشكل بين الحين والآخر بعض تلك المخاوف، وكيف يمكن لأمر بسيط أو قرار عابر أن يغير كل تلك المخاوف ويحول الحياة إلى المواجهة.
الرواية صدرت عن "دار مسكيلياني".
عمى الذاكرة... حميد الرقيمي
يأخذنا الروائي اليمني حميد الرقيمي، في أول أعماله الروائية، إلى الحروب، لينقل لنا صورة حية عن المأساة التي يغرق فيها اليمن منذ سنوات، من خلال بطل روايته الذي ينهض من بين الركام والدمار وتكتب له حياة ثانية، يحاول أن يستعيد فيها ذاكرته بعد أن يتبناه أحد الشيوخ ويعتبره حفيده، ويبدأ بملء أفكاره بالحكايات والذكريات حتى يشعره أنه جده وأن اسمه سالم، فيما يكبر الطفل وسط تلك العائلة ويعاني ويلات الحرب من جهة وصراعات الحياة اليومية الصعبة من جهة أخرى، حتى تتكشف له الحقيقة ويسعى للبحث بعد ذلك عن أصوله.

هكذا يجمع الرقيمي بين توثيق الحرب وأسئلة الهوية، بين أطراف متصارعة عديدة كل واحد منها يدعي الحق في الأرض والحياة، وبين شاب يجد نفسه مشرد ابين أهله، وتتجاوز الرواية بأفكارها وعالمها اليمن حتى تبدو تمثيلا قاسيا للكثير من ضحايا الحروب على امتداد رقعة العالم العربي، ذلك أن البطل لا يكتفي بوجوده في اليمن، بل ينتقل إلى مدن أخرى مثل القاهرة والخرطوم وليبيا ويحلم مثل العديد من الشباب العرب بالهجرة إلى أوروبا فيرحل إلى هناك عبر قارب هجرة غير شرعية، لتبدو رحلة الرواية الطويلة محكوما عليها بالضياع.
صدرت الرواية عن "دار جدل" وحصلت على جائزة كتارا للرواية هذا العام.
العظماء يموتون في إفريل .. أميرة غنيم
تستحضر الروائية التونسية أميرة غنيم في روايتها الجديدة "العظماء يموتون في أفريل" أطرافا من سيرة الزعيم حبيب بورقيبة، من طفولته البعيدة حتى وصل إلى قمة مجده في تونس، تحضر ذكرياته في أواخر أيام حياته لترسم صورة مختلفة لتونس والمجتمع التونسي من خلال أحد الزعماء المعاصرين، ولعل ذلك ما يشغل أميرة غنيم في عدد من رواياتها منذ عرفها القراء في "نازلة دار الأكابر" مرورا بـ "تراب سخون" العام الماضي وحتى هذه الرواية، فهي مشغولة بالتوثيق الأدبي لفترات من تاريخ تونس. تركز أميرة غنيم كذلك على النساء في حياة بورقيبة من خلال تأثره بأمه وأخته، ثم أربع سيدات ارتبط بهن، وكيف بدا طوال مراحل حياته متطلعا للسلطة.

هكذا تجمع غنيم بين التوثيق التاريخي والكتابة المتخيلة، بين أحداث ووقائع من تاريخ تونس المعاصر، وبين التخييل الأدبي لحياة بطلها وهو الشخصية السياسة والزعيم المعروف، حيث استطاعت أن تتمثل مواقف وأحاسيسه وتعبر عن نفسيته وتتمثل مواقفه وردود أفعاله، ليس هو فقط بل ورفاق مسيرته من المناضلين وأفراد أسرته وعائلته، وانصب اهتمام الكاتبة في الأساس على الجوانب الإنسانية في شخصية الزعيم ومسيرة حياته المليئة بالمواقف والصراعات والتحولات.
صدرت الرواية عن "دار مسكيلياني".
رفيف فراشة... زهير كريم
يقدم الروائي والقاص العراقي زهير كريم في هذه الرواية مرثية طويلة للإنسان بتجليات مختلفة بين رحلة بطل روايته المهندس "كامل" الذي يسعى لبناء بيت بمواصفات خاصة، ويعثر مصادفة على مخطوط يجعله يتنقل بحرية بين الأزمنة والأمكنة، وحبيبته "حنان" التي تنشغل بأحلام التغيير السياسي وتتعرض للتعذيب في أحد السجون. بين هذا وذاك تحضر تأملات البطل في الحياة بين الوطن والمنفى والاغتراب وعلاقته بالفنون المختلفة مثل الكتابة الروائية والموسيقى والعمران، وتزاوج الرواية بذكاء بين الواقع والمتخيل، فيتدخل السارد زهير كريم باسمه وصفته باعتباره الكاتب الروائي حينا، ويبدو بطل روايته قادرا على التعبير عن نفسه وتفاصيل حكايته أحيانا أخرى .

تعود الرواية إلى بغداد في الثمانينات، وتتقصى أحوال أهلها أيام قمع السلطة والسجون والمعتقلات، ولكنها تتجاوز تلك الحدود أيضا لتنتقل إلى التغيرات التي شملت المنطقة كلها، فتنتقل إلى عمان وطهران بل وتصل حتى إسلام أباد وليبيا، في محاولة للبحث عن الأمل والنجاة من آلام الواقع وصراعاته.
صدرت الرواية مطلع هذا العام عن "دار العين" بالقاهرة.
هذه ليست رصاصة... عبد الله ناصر
في روايته الأولى بعد مجموعتين قصصيتين، يقدم الروائي السعودي عبد الله ناصر تجربة مختلفة تعتمد على حادثة يتذكرها الراوي/ السارد لإطلاق والده رصاصة في زمن طفولته، ويتخذ من هذه الذكرى القديمة وسيلة لاستعادة ماضيه واستعراض ذكرياته، ورغم أن الرواية تعتمد على حادثة تبدو بوليسية إلا أنه لا يلتزم بشروط روايات التشويق وإنما على العكس يلجأ إلى التركيز على رسم شخصياته وعالم ذلك الراوي مستحضرا بيته وعلاقته بأبيه وعائلته. وهكذا يعرض عبد الله ناصر بشكل بسيط ومركز أطرافا من حياة المجتمع السعودي، انطلاقا من بيت بطل الرواية وعائلته وعلاقتهم بتلك الجريمة التي سيقضي والده عقوبتها، ولكنه يبحث فيها من جديد ليكشف طبقات كانت خافية عن الجميع، وكأنما يريد أن يبرأ ساحة والده بعد سنوات.

تبدو علاقات العائلة المتشابكة وحكاياتهم على إيجازها في الرواية أساسا تعتمد علي ، وفكرة كبرى يسعى النص للإشارة إلى قيمتها وتكريسها، فالعائلة تحمي أفرادها وتتوارث في الوقت نفسه حكايات من المهم توثيقها، وهو ما يفعله السارد من خلال بحثه مرة، ومن خلال استعراض تلك الحكايات مرة أخرى، وعلى الرغم من قصر الرواية نسبيا إلا أن ناصر استطاع أن يكثف فيها عددا من التفاصيل الشيقة المرتبطة كلها بعالم روايته، سواء حديثه عن الأسلحة أو الإسعافات الأولية أو المسائل القانونية المتعلقة بالقتل الخطأ والأحكام القضائية وغير ذلك، كما يضيف بعدا آخر للرواية من خلال ربطها بلوحة "الناجي" لرينية ماغريت وما تحمله من دلالة خاصة لموضع البندقية فيها.
صدرت الرواية عن "دار الكرمة" بالقاهرة.
أغالب مجرى النهر ... سعيد خطيبي
إلى الجزائر وتاريخها المليء بالصراعات يأخذنا الروائي الجزائري سعيد خطيبي في روايته "أغالب مجرى النهر" من خلال حكاية تبدو بوليسية في ظاهرها، حيث طبيبة عيون يتم التحقيق معها في مقتل زوجها طبيب التشريح، لتكشف لنا عن خلفيات علاقتها به والجرائم التي تورطا فيها سويا حتى أوصلتها إلى غرفة التحقيق، ثم تنتقل الرواية في الجزء الثاني إلى عرض حكاية واحد من مناضلي تحرير الجزائر وهو والد بطلة الرواية الذي يحكي أطرافا من سيرته وعلاقته بأبنائه التي يبرز منها ابنه بشكل خاص الذي يتورط في عدد من العمليات المشبوهة، هكذا تتقابل الحكايتان، حكاية الزوجة وعلاقتها بزوجها وعلاقة الأب وابنه من جهة أخرى لتكون الواجهة التي تتداعى عليها سرد تفاصيل حكايات مختلفة من تاريخ الجزائر المعاصر، سواء في أيام الاحتلال والمقاومة أو ما بعد ذلك من تقلبات وتحولات.

تدور الرواية حول عدد من المفاهيم الكبرى وتناقش عددا من القضايا المتشابكة، بين معاني البطولة والتضحية والخيانة والعمالة وما بينهما، وكيف تؤثر السياسة والسلطة على مصائر الأفراد من البسطاء وذوي النفوذ على حد سواء، بل وكيف يبقى ذلك الأثر مستمرا مع مرور الزمن.
الرواية صدرت عن دار "هاشيت أنطوان".
ملحمة المطاريد... عمار علي حسن
يستعرض الروائي والباحث السياسي عمار علي حسن خمس قرون من تاريخ الصعيد في مصر، من خلال عائلتي الصوابر والجوابر، وتدور الصراعات حول السلطة والنفوذ ومحاولات فرض السيطرة، ففي الوقت الذي يمثل فيه الصوابر طبقة العمال والبسطاء تمثل عائلة الجوابر طبقة الملاك والسلطة، ولكن بمرور الأيام والتغيرات التي تجري في السلطة في الصعيد في ذلك الوقت تتغير أحوال أفراد العائلتين، ويعكس كل واحد منهم صورة مختلفة للمجتمع المصري في ذلك الزمن.

تبدو "المطاريد" ملحمة إنسانية وإن كانت تدور في صعيد مصر بين مدنها وقراها بين البسطاء وأصحاب السلطة، إلا أنها تمثل من جهة أخرى صراع الإنسان في كل زمان ومكان للاستحواذ على النفوذ، كما تعكس علاقته بالأرض والطبيعة، وعلاقات الأفراد بعضهم ببعض وما يترتب عليها من التزامات وصراعات في أحيان كثيرة، كما تحضر الأسطورة والعادات والتقاليد وتأثيرها على المجتمع، وعلى امتداد صفحات الرواية بأجزائها الثلاثة نتعرف على تاريخ مصر من خلال البسطاء والمهمشين الذين ذاقوا ألوانا من العذاب وتحملوا قسوة الزمن حينا وتجبر السلطة في أحيان كثيرة، فيما بقيت السيرة دليلا على قدرة الإنسان على مواجهة التحديات رغم كل الصعاب.
صدرت الرواية مطلع هذا العام عن دار "المصرية اللبنانية".
غيبة مي... نجوى بركات
إلى لبنان تأخذنا الرواية نجوى بركات لنرصد معها الواقع المأوزوم هناك، من خلال بطلة روايتها "مي" الثمانينية التي تعيش في عزلة عن العالم فرضتها على نفسها، وتستعرض أطرافا من ماضيها وحياتها من خلال تقنية تيار الوعي، فنتعرف على زوجها وتوأمها اللذين يعيشان بعيدا عنها، كما تحكي غيابها لفترة زمنية طويلة عن عائلتها، وتشغل القارئ بفك شيفرات تلك العلاقة الملتبسة من الحكاية والتي لن تظهر إلا في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان "هي" حيث نتعرف على خلفيات تلك الحياة وأسرارها، ويظهر في الرواية جليا رثاء مرور الزمن والشيخوخة.

تبدو الرواية مرثية طويلة للزمن الماضي الجميل، مرثية لأيام الحب والوفاء، ومحاولة أخيرة للتأقلم مع العالم الجديد وما يفرضه من صراعات وتغيرات، وتحاول بركات من خلال بطلتها أن تروي المتغيرات التي حدثت في لبنان بعد عدد من الحروب، والتي جعلت أفرادها في عزلة سواء في الداخل أو في الخارج، لم يبق لهم إلا الذاكرة وسيلة وحيدة للحفاظ على الهوية والوجود، وتتحول حكاية مي وتقلباتها بين الماضي والحاضر وكأنها معادل موضوعي لما يعانيه لبنان من صراعات وما عاشه ويعيشه من آلام ومصاعب في السنوات الأخيرة،
الرواية صدرت في منتصف العام عن "دار الآداب".
دوخي تقاسيم الصبا... طالب الرفاعي
عودة أخرى إلى السير الروائية، ولكنها هذه المرة من خلال شخصية غنائية معاصرة هو عوض دوخي، أحد أبرز مطربي الكويت في سبعينات القرن الماضي، فيعود طالب الرفاعي إلى سيرته وحياته، مستعرضا من خلالها ما مرت به الكويت من تحولات كبرى من العمران البدائي البسيط بالطين إلى العمارات الحديثة الشاهقة، تلك الفترة المفصلية من تاريخ الكويت والتي تتشابه فيها مع التغيرات التي حدثت في كثير من الدول العربية.
نتعرف في الرواية على بدايات دوخي حينما كان يخرج مع والده للعمل في السفن وكيف ورث عن والده الغناء، حتى يصل إلى أن يكون مغنيا لأحد كبار البحارة على متن السفن، وكيف تحولت مهمته تلك إلى فرصة للاستكشاف والتعرف على غناء الآخرين من خلال "تقاسيم الصبا" التي ستتحول إلى دليل في رحلته لاختبار المقامات الموسيقية المختلفة من الشجن إلى الحزن، وكيف سيقوده ذلك إلى عالم ثري يصل به إلى أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، بل وينقله من زمن أسطوانات الغرامافون إلى شرائط الكاسيت.

رحلة طويلة ثرية مليئة بالشجن وبنغمات الموسيقى، ننتقل فيها إلى سيرة الكويت والتغيرات التي مرت بها في تلك السنوات التي تعد سنوات التحول قبل اكتشاف النفط وبعده، وكيف انتقل الصوت من سفينة في عرض البحر، وكذلك التحولات التي تصاحب رحلة الدوخي ما بين صوت صوته والتحديات التي يلقاها بين منافسين وشركاء وخصوم، وكيف تمكن من مواجهة ذلك كله بالتحدي مرة وبالصبر والعمل مرة أخرى حتى أصبح من أهم الأصوات التي صدحت بالأغنية الكويتية، بل واستطاع أن ينقلها إلى العالم العربي كله.
صدرت الرواية عن "منشورات ذات السلاسل" .